الاثنين، 19 يوليو 2021

من أحكام يوم عرفة 13

 من أحكام يوم عرفة 13:

السؤال:

شيخنا مارأيكم في هذا الكلام بارك الله فيكم:

((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


في كل سنة وفي مثل هذه الأيام تنشر الرسائل التي تحث على تخصيص عصر يوم عرفة بالدعاء، ولعل نشر كلام أهل العلم في هذه الأيام يساعد على اطفاء هذه البدعة، لأنه كلما أحييت بدعة ماتت بمقابلها سنة، فلنساعد على نشر السنة ودحر البدعة. 


حكم الانقطاع للدعاء عشية عرفة لغير الحاج ويسمى عند الفقهاء بـ(التعريف عشية عرفة):-

⬅️ الإمام محمد بن إبراهيم يرى أنه بدعة قال في فتاويه المجلد الثالث صفحة (128)

الراجح هو عدم فعله (يعني التعريف عشية عرفه) لأن هذه عبادة اختصت بمكان وهو عرفة ولا يلحق غيره به فإلحاق مكان بمكان في عبادة زيادة في الشرع فالذي عليه العمل أنه بدعة. 

انتهى كلامه. 

⬅️ وقال ابن عثيمين رحمه الله 

في تعليقه على اقتضاء الصراط المستقيم صفحة 500 :

قال (الصواب مع من كرهه -أي التعريف يوم عرفه - وأنه وإن فعله ابن عباس وعمر بن حريث رضي الله عنهما فإنهما كغيرهما ما دام الخلفاء الراشدون (ابو بكر وعمر وعثمان) رضي الله عنهم لم يفعل هذا في وقتهم فلاينبغي أن يفعل فهو للكراهة أقرب). 

إنتهى كلامة

⬅️ وقال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع ج5 ص 171:

وقال الحنابلة لابأس بالتعريف عشية عرفة والصحيح أن هذا فيه بأس وأنه من البدع. 

⬅️ وسئل الإمام مالك رحمه الله عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر واجتماعهم للدعاء فقال:

ليس هذا من أمر الناس وإنما مفاتيح هذا الأشياء من البدع 

نقله الطرطوشي في كتاب الحوادث والبدع ص 97. 

⬅️ وخرج نافع مولى ابن عمر وإذا الناس مجتمعون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون بعد العصر يوم عرفة فقال: (أيها الناس إن الذي أنتم عليه بدعة وليست سنة). 

أخرجه ابن وضاح في البدع برقم 114

⬅️ وأخرج ابن أبي شيبة عدد من الآثار 

منها : 1- قال الأعمش رأيت أبا وائل وهو من كبار تلاميذ ابن مسعود قال رأيت ابن وائل وأصحابنا يجلسون يوم عرفة فيتحدثون كما يتحدثون في سائر الأيام. 

2- وعن عبدالرحمن بن أبي بكرة قال: ما كان يشهد المسجد الجامع عشية إلا من كان يشهده قبل ذلك. 

3- عن محمد بن سيرين لقد رأيتنا زمن زياد - أمير الكوفة والبصرة - وما ننكر عشية عرفة من سائر العشيات. 

⬅️ ‏ ‏سئل العلامة ابن باز رحمه الله: (هل ما يفعله غير الحاج من الجلوس في المسجد عصر عرفة والدعاء فيها من السنة؟

فقال: إذا جاء الإنسان إلى المساجد قبل ‏صلاة المغرب وجلس ينتظر المغرب فلا بأس. أما أن يخص عرفة بشيء فلا، فكونه يتقدم قبل الغروب ويجلس ينتظر الصلاة فهذا فيه فضل كبير) وسئل:

  للحاج وغير الحاج ؟

فقال: جميع ‏الصلوات نعم التقدم لها كلها مستحب، أما تخصيص يوم عرفة بشيء في المساجد فلا فهو بدعة الموقع الرسمي للشيخ رحمه الله.


#منقول))


الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أما هذه الآثار وأقوال العلماء المنقولة هنا فصحيحة ، وأما عنوان المنشور فخاطيء .

وهذه المسألة محل خلاف بين العلماء ، وما أعتقده صحيحا أن مايسمى بالتعريف بدعة لا تجوز وهو ما أدين الله به أنه هو الصحيح ولا أشنع على غيري ممن يفعلونه اقتداء ببعض الصحابة ومن تابعهم من السلف الصالح وأهل العلم لأنها مسألية خلافية ، بل بعض أهل العلم جعل الدعاء عشية عرفة حكرا على الحجاج فقط ولا يتعدى إلى بقية أهل الأمصار من غير الحجاج .

والذي عليه جماهير أهل العلم هو أن الدعاء عشية عرفة عام للحجاج ولغيرهم ، وأن تخصيص عصر عرفة بالمكوث في مكان كمسجد أو غيره والتفرغ للدعاء دون غيره من الأعمال اليومية فهذا بدعة ولا يجوز التفرغ _وهو ما عبر عنه العلماء بتخصيص عشية عرفة بشيء ، وقصدهم ترك ماعداه والاشتغال به وحده ، والصواب ان الصحابة كانوا يدعون ويذكرون ويكبرون ويتكلمون مع الناس ويقضون حوائجهم المعتادة واعمالهم اليومية_ .

 فنهي هؤلاء العلماء هو عن التفرغ للدعاء فقط وتخصيصه بالجلوس في المسجد ورفع اليدين بالدعاء ، وربما اجتمع ناس كثير وفعلوا نفس الشيء ، وهذا التفرغ للدعاء مع الاجتماع له في مكان واحد لم يثبت عن الخلفاء الراشدين وعن بقية الصحابة سوى مانقل عن صحابيين وقد ثبت خلافه من عدم الاجتماع والتفرغ للدعاء لغير الحجاج في عصر عرفة عن غيرهما من الصحابة رضي الله عنهم جميعا ، وقد علل أهل العلم مافعله الصحابيان من تفرغ يسمى (التعريف) بأنه اجتهاد منهما وأنه قد وقع منهما موافقة فلا يصيِّره ذلك سنة ، بل اعتقاد سنيته وحث الناس عليه يصيره بدعة منكرة .

فالمكث في المسجد او في غيره والتفرغ للدعاء فقط عشية عرفة بدعة محدثة لم تكن من هدي السلف .

والمشروع عشية عرفة الإكثار من الدعاء وأنت على أحوالك العادية من شغل أو تجارة أو لقاء أصحاب ، ولا يتقصد التفرغ خصيصا لأجلها في مسجد من المساجد .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فأما قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر فهذا هو التعريف في الأمصار الذي اختلف العلماء فيه، ففعله ابن عباس، وعمرو بن حريث من الصحابة وطائفة من البصريين والمدنيين ورخص فيه أحمد، وإن كان مع ذلك لا يستحبه هذا هو المشهور عنه، وكرهه طائفة من الكوفيين والمدنيين: كإبراهيم النخعي وأبي حنيفة ومالك، وغيرهم، ومن كرهه قال: هو من البدع، فيندرج في العموم لفظا ومعنى، ومن رخص فيه قال: فعله ابن عباس بالبصرة حين كان خليفة لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ ولم ينكر عليه، وما يفعل في عهد الخلفاء الراشدين من غير إنكار لا يكون بدعة، لكن ما يزاد على ذلك من رفع الأصوات الرفع الشديد في المساجد بالدعاء، وأنواع من الخطب والأشعار الباطلة مكروه في هذا اليوم وغيره.).[اقتضاء الصراط المستقيم].

وقال العلامة ابن باز رحمه الله في فتوى له: (إذا جاء الإنسانُ إلى المسجد قبل صلاة المغرب وجلس ينتظر المغرب فلا بأس، أما أن يخصَّ عرفة بشيءٍ فلا، فكونه يتقدّم قبل الغروب ويجلس ينتظر الصلاة فهذا فيه فضلٌ كبيرٌ.

س: للحاج وغير الحاج؟

ج: جميع الصَّلوات، نعم، التقدّم لها كلها مُستحب، أما تخصيص يوم عرفة بشيءٍ في المساجد فلا، فهو بدعة.).

وجاء في المغني لابن قدامة رحمه الله: ( ابن قدامة رحمه الله :


قال القاضي : ولا بأس بـ " التعريف " عشية عرفة بالأمصار ( أي ِ: بغير عرفة ) ، وقال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن التعريف في الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة، قال: «أرجو أن لا يكون به بأس قد فعله غير واحد» ، وروى الأثرم عن الحسن قال : أول من عرف بالبصرة ابن عباس رحمه الله وقال أحمد: «أول من فعله ابن عباس وعمرو بن حُرَيث» ، قال الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع: «كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة» ، قال أحمد: «لا بأس به ؛ إنما هو دعاء وذكر لله . فقيل له : تفعله أنت ؟ قال : أما أنا فلا» ، وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة).

وجاء في المنتقى شرح الموطأ للباجي رحمه الله: (قوله : " أفضل الدعاء يوم عرفة " يعني : أكثر الذكر بركة وأعظمه ثوابا وأقربه إجابة ، ويحتمل أن يريد به الحاج خاصة ؛ لأن معنى دعاء يوم عرفة في حقه يصح ، وبه يختص ، وإن وصف اليوم في الجملة بيوم عرفة فإنه يوصف بفعل الحاج فيه ، والله أعلم).


والخلاصة : أن من رأى من نفسه قوة وتفرغا واطمان قلبه لما روحي عن بعض الصحابة أنهم تفرغوا للدعاء في مكان كمسجد أو غيرها فلا يشنع عليه ولا يتهم بالبدعة ، ومن اطمأن قلبه لقول جماهير العلماء وفعل الخلفاء الراشدين وبقية الصحابة من عدم التخصيص فقد أصاب السنة ولزم الأصل وهو المطلوب . 

والله أعلى وأعلم .

أبو عبد الله بلال يونسي

مجموعة المدارسات العلمية

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=837964230438404&id=100026745030855


الرابط




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق