.. اقرأها أيها المبتلى حتى النهاية ..
الحلقة الأولى من سلسلة :
(( رسالتي إلى ابني المراهق )):
وعنوان هذه الحلقة هو :
( التفصيل في ما يسمونه بالعلاقات الغرامية بين تلاميذ الثانويات والجامعات) :
بسم الله الرحمن الرحيم .
السؤال:
سلام عليكم هل لي بسؤال ؟
ماهو التفصيل في العلاقات الغرامية التي تقام بين البنات والذكور في المدارس وفي أماكن العمل ؟
الجواب :
يقول الله تعالى :
(فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ)
وقال تعالى: (محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) .
وهنا في قوله جل جلاله : ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ) نرى أن الله سبحانه فكما شرط الإحصان في النساء ، وهي العفة عن الزنا ، كذلك شرطها في الرجال وهو أن يكون الرجل أيضا محصنا عفيفا ; ولهذا قال : ( غير مسافحين ) وهم : الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ، ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم ، ( ولا متخذي أخدان ) أي : ذوي العشيقات الذين لا يفعلون الفاحشة إلا معهن .
وهنا نلاحظ أن الله تعالى حرم الزواج بالرجل أو بالمرأة الذين يتصفان بإحدى الصفتين وهما :
أولا: صفة السفاح وهو العلاقات المحرمة المتعددة .
ثانيا : صفة اتخاذ الخدن وهو اتخاذ العشيق ، ويسمى بلغة الشارع والعوام (الصاحب) أو (كوبل) أو (تمشي أو يمشي معها) .
وقد حرم الإسلام الزنا، وحرم اتخاذ العشيق ،
فلا فرق بينهما .
(استفسار من السائل : إذا لا فرق بين الزنا و العلاقات الغرامية؟) .
تكملة الجواب:
نعم فلا فرق بينهما من حيث أن كلمة الزنا تعمهما ، وبينهما اختلاف فقط من حيث إقامة الحد ومن حيث الشناعة وأن المواقعة (أي فعل الفاحشة بإيلاج الذكر في الفرج المحرم) اعظم من مجرد المواعدة والملامسة دون مواقعة .
وكلها تسمى في الشرع زنا .
وان شئت فاقرأ هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك كما روى البخاري (6243) ، ومسلم (2657) عن أَبي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) .
فالسرقة والزنا وغيرها من المحرمات تنقسم إلى قسمين ، قسم فيه حد وقسم محرم ولكنه لا حد فيه ، ومثال ذلك سرقة بيضة يسمى سرقة ولا حد فيها ، وسرقة مليون سنتيم يسمى سرقة وفيه حد أي قطع اليد .
وكذلك الزنا هناك ما فيه حد وهو الزنا بالأجنبية عنك بإدخال ذكرك في محل الولادة (والأجنبية هي من لا تحل لك جماعها) ، ومن الزنا من لا حد فيه ولكنه محرم مثل اللمس والقبلة والاحتضان .
وقد اعتبر الإسلام ، بل حتى في الجاهلية قبل الإسلام وحتى عند غير المسلمين تعتبر كل العلاقات المحرمة من الزنا ، وإن شئت فاقرأ هذا الخبر عن امرأة أعرابية أدركت الجاهلية فسألها أحد المسلمين عن حقيقة الزنا عندهم قبل الإسلام ماهي فقالت :
(الزنا عندنا هو القبلة والقبلتان والحضن والحضنان) ، فقيل لها : (فإن جلس الرجل بين شعبها الأربع) ، فقامت مفجوعة وقالت : (ويحه ، هذا طالب ولد) ، ومعنى (شعبها الأربع) كناية عن الإيلاج في محل الولادة ، وشعبها الاربع هي رجلاها ويداها .
وأما إذا سألت عن الطريقة الشرعية في الزواج ، فأجيبك بأن طريقة الإسلام هي تحصيل اسباب القدرة على الزواج ، وتسمى (الباءة) ، وحين تتحقق الباءة فحينها تبحث عن الزوجة الصالحة ، وحين تجدها فتتقدم إلى أوليائها لخطبتها .
وأما إذا أحببت فتاة وأنت لا تملك الباءة بعد ، فلا يجوز لك التقدم إليها ، ويجب عليك أن تكتم ذلك الحب لأنه من الشيطان ، لأن الحب الحقيقي يكون بعد الزواج ، ويكون في الله ، وليس الحب لأجل الجمال أو لأجل شيء غير الدين ، فكل ما سوى الدين هو عشق شيطاني ، وسرعان ما يتلاشى مع مرور الأيام ، كما هو مشاهد عند العشاق .
وإن شئت فاقرأ الحديث المتفق عليه الذي رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ومعنى (الوجاء) هو إضعاف الشهوة وتحصيل أسباب العفة عن الفاحشة .
وهذه العلاقات وتقليد الكفار فيها من عمل الشيطان ومن تغيير خلق الله ومن الانحراف عن الفطرة السليمة ، قال الله تعالى مخبرا عن إبليس : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) .
وقال جل جلاله أيضا : (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ( 16 ) ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)
وقال سبحانه في ما يريده الكفار بأهل الإسلام وشبابهم :
(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ) .
وقال تعالى : (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) .
وهذا بسبب حسدهم للمسلمين وغيرتهم من دينهم الحق ، فريدون إضلالهم كما ضلوا هم .
ولذلك فقد عملوا للمسلمين المكائد بعد المكائد فقال عز من قائل في حق ما يريده بنا النصارى واليهود قاتلهم الله : (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) .
وهذه الآية هي خير شاهد علينا بأن من عرف الحق وبلغه طريق الهداية فلا يجوز له العدول عنه إلى ما سواه ، وقد قال تعالى في محكم تنزيله أيضا : (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) .
والمؤمن إذا عرف الحق وبلغه أمر الله ونهيه وجب عليه التزامه والتسليم به والاستسلام لحكمه ولا يجتهد رأيه مع وجود نص شرعي ، فقد جعل الله سبحانه التصديق والقبول بما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم شرطا لصدق الإيمان وصحة الإتباع فقال : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ، وكذلك لا يستعمل الإنسان عقله الضعيف القاصر لرد النصوص الصحيحة بحجة أنه لم يعرف الحكمة من الوجوب أو من التحريم لأن الله ألزمنا بالاتباع والاستسلام لقضائه ولم يجعل ذلك متوقفا على معرفة الحكمة أو العلة وذلك في قوله : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) ، ويجب عليه محبة ما أمر الله به وعدم كره ما شرعه الله وما أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لأن كره أوامر الله ونواهيه محبط للأعمال وناقض للإسلام وسبب من أسباب الردة عن الدين ، قال تعالى : (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) .
وفي الحديث المشهور _وإن كان فيه ضعف ولكن معناه صحيح وموافق لروح الشريعة ونصوصها_ وهو المروي عَنِ الْحَارِثِ بن مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ ؟ قَالَ : أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا ، فَقَالَ : انْظُرْ مَا تَقُولُ ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ ؟ فَقَالَ : قَدْ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا ، وَأَسْهَرْتُ لِذَلِكَ لِيَلِي ، وَاطْمَأَنَّ نَهَارِي ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا . فَقَالَ : يَا حَارِثُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ . ثَلاثًا .) .
ففي هذا الحديث أمر بلزوم ما عرفته من الحق واطمأن إليه قلبك ولا عبرة بما عليه أكثر أهل الأرض لأن العبرة بالحق وموافقته وليس بكثرة من يتبع الباطل ، فقد ذم سبحانه الكثرة فقال تعالى : (وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ) .
ولعلي أختم بهذه الآيات الكريمات ففيها شفاء وهدى لمن تدبرها ، قال جل جلاله : ( وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا ۖ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ ۚ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ۚ قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) .
وقال سبحانه في حالنا مع الشيطان حين يتبرأ من أتباعه يوم القيامة :
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
وكما قال في حق رفقاء السوء وتبرئهم من بعض يوم القيامة وأن الرسول سيشهد على من تركوا اتباع شريعته واتبعوا أهواءهم وعادوا دينه وأتباعه وسخروا منهم ووصفوهم بالرجعية والتخلف : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) .
وسيكون رفقاء السوء وأصحاب العشق الشيطاني أعداء يوم القيامة ، فقد قال تعالى : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ ) .
وقد جاء في الحديث المتفق عليه من رواية البخاري ومسلم أن الشاب الذي ترك شهواته من صغره وتعلق قلبه بعبادة ربه والصلاة في المساجد وكانت محبته لإخوانه في الله ولم تكن لأجل الدنيا ولأجل الشهوات فهو في ظل العرش يوم القيامة وذلك حين تدنو الشمس من الخلائق مقدار شبر ، فعن أبي هريرة قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) [متفقٌ عَلَيْهِ] .
فمن عرف كل هذا وغفل عنه وأعرض عن العمل به فقد توعده الله بأنه سيحشر أعمى وتسحب منه نعمة البصر ونعمة التدبر لأنه عطلها في الدنيا ولم يستعملها فيما ارتضاه الله ، فقال تعالى : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ( 124 ) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)
وأختم بقوله تعالى في حال النزاع الذي يكون بين قرناء السوء من شياطين الإنس ومن شياطين الجن ومن اغتر بهم من الناس وذلك في قوله تعالى : (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيد) .
فنسأل الله العفو والعافية وحسن الاتباع وحسن الخاتمة .
والله اعلى واعلم .
{ (ملاحظة) :
في الحلقة الثانية سيكون الكلام بحول الله في المراهقة وحقيقتها وأنواعها والحب الغريزي الهرموني ، وكذلك ما يسمى بالحب في فترة المراهقة ، وأحكامه وعلاقته بالفطرة المحكومة بالعقل والشرع .} .
أعدت ترتيبها وتهذيبها وتنسيقها :
ليلة 25 جمادى الآخرة 1442 هجرية
الموافق 7 فبراير 2021 نصرانية
أبو عبيدة بلال يونسي السكيكدي.
الرابط