(خلاصة ما بلغه فهمي من بيان فضيلة شيخنا فركوس التاريخي):
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت كما قرأ غيري بيان شيخنا فركوس حفظه الله حول موقفه ومايراه من حال الدعوة والدعاة في بلادنا الجزائر وموقفه من فتاوى العلماء الآخرين في مسألة التباعد والإنكار العلني ورأيه في ذلك كله ومابلغه بعد نظر واجتهاد هو فيه بين الأجر والأجرين ، وما جاء فيه من نصيحته بعدم ترك الدعوة وببذل كل داعية جهده في الدعوة إلى الله من دون توقف ولا التفات إلى العقبات ، وقد أعلن في بيانه التاريخي انسحابه من العمل الجماعي مع المشايخ ولسان حاله _على ما عنون به بيانه بقوله إلى إخواني مشايخ الدعوة في الجزائر وبما ختم به مقاله من نصحه الدعاة والمشايخ بعدم ترك الدعوة إلى الله_ أن الدعوة غير قاصرة على فلان أو علان ولا تستلزم اجتماع الدعاة في إطار معين ونسق مخصوص حتى تكون دعوة صحيحة وأن من عنده علم وبصيرة وحكمة فله أن يقوم بالدعوة بشروطها وضوابطها ، وكما أنها تقطع الطريق على تجار الدين من لئام الطلاب وخبثاء الحُضَّار عند المشايخ كما وصفهم الصنعاني رحمه الله _أي هم الذين يكثرون من الحضور والتردد عند المشايخ وليس لهم نية التعلم بل كل نيتهم هي التزلف والتحريش وطلب الرياسة_ وخريجي التسرب المدرسي من جامعي التزكيات والشهادات الجامعية عن بعد ، وكما أن هذا البيان سيُنهي بحول الله حقبة التعالم وترهيب الدعاة بالتزكيات وبالقرب من الشيخ الفلاني أو الداعية العلاني وأن فلانا تحت مظلة الشيخ الفلتاني فلا تحذروا منه ولو فعل الأفاعيل وكما تنهي إلزام الناس بالحضور عند فلان وتهميش علان من أهل العلم لا لشيء سوى سطوته وقربه من الشيخ الفلاني سليط اللسان ، وكما أن هذا البيان إعلان بأن من عنده زاد علمي ودعوي ورصيد معرفي فله الدعوة إلى الله دون ارتقاب الإذن في الدعوة من باب (بلغوا عني ولو آية) ، وفيه غلق لباب الاحتكار في دعوة أهل السنة كما كان في زمن سلفنا الصالحين رضوان الله عليهم ، ولا يعني هذا فتح باب الفوضى والانفلات الدعوي بل لابد من مطابقة حال الداعية لما هو عليه في واقعه وشهادات أهل العلم الراسخين له بالتمرن والإتقان وأنه ثبت فيما يقوم به وإلا فضحته شواهد الامتحان ومدى تمكنه من آلة العلم والتعليم والصبر على الأذى في سبيل ذلك .
وخلاصة هذا الحدث وماسينتج عن هذا البيان لهو في حقيقة الامر لأمر محمود ذو عواقب طيبة لمن تدبر فيه ، (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) ، (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ..
وكما نسأل الله تعالى أن تتحسن أوضاع الدعوة في بلادنا وفي سائر بلاد المسلمين وأن يجمع كلمة أهل السنة ومشايخ السنة في بلادنا وفي كل مكان ، والمؤمن يستبشر ولا ييأس ، والدعوة محفوظة بنا أو من دوننا ، (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ...
وكما أن هذا البيان ابتلاء لكل محب لفضيلة الشيخ فركوس وتمحيص لكل مؤمن مخلص متجرد للحق عارف لقدر الدعوة والدعاة وعارف لحقيقة الإسلام وأصوله وفقيهٍ بحال الدعوة في بلادنا وغيرها كدرس عملي من فضيلته بأن للدعوة رجالها وأن المسلم الحقيقي يعبد الله وحده ولا تؤثر في تدينه الصحيح المتغيرات وكثرة التحديات ، بل حتى لو هلك كل عالم يعرفه الناس مع إرادة الله أن يبقى في الناس دين حق لما ترك الله الناس بلا خطام ولازمام في عبث وتخبط بل يقيم لهم من العلامات والدلالات البينات بما هو قمين بهم لمعرفة الحق وأهله ، كما سيكون في آخر الزمان من حال أهل الإيمان عند ملاقاتهم المسيح الأعور الدجال (مكتوب بين عينيه ک.ف.ر يقرأها كل مؤمن كاتب كان أو غير كاتب) _أي يقرأها المؤمن الأمي كما يقرأها المؤمن غير الأمي وهذا من حفظ الله لعباده وإظهاره لآياته حتى يهتدي لها من أراد الله له الهداية ويضل من أراد له الضلال ولكن بشرط تحقيق الأسباب الشرعية ليكفيك الله الأسباب الكونية كما كان من حال عصا موسى وهز مريم لجذع النخلة عليهما السلام ، مع أن فعلهما المادي لا يؤثر في حقيقة الأمر ولا يتسبب فيه عادة_ ، وهو مصداق لقوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًٔا ۗ وَسَيَجْزِى ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ) .
(تنبيه ختامي للمتعجلين):
مقالي هذا عام ولا يخصص به فلان أو علان من الناس ، فكل من كان فيه شيء فليعالجه ، ومن لم يكن فيه فليحمد الله ويثبت ويستزيد من الخير ، وقد أكون بدوري داخلا في هذا الإطار (وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا مارحم ربي) ، وكما أنه لا يوجد في هذا المقال ولا في بيان شيخنا فركوس دعوة لترك الاجتماع والتأليب على الفرقة والاختلاف فليس سبيل العلم بنقل كل مانصادفه عن طريق شبكة جوجل وسوقه هنا بطريقة النسخ واللصق مع ظن ناقليه أن فيه ردا على كلامي ، فهناك فرق بين وجوب الاجتماع على الحق ومنهج السلف وبين ربط الدعوة بلزوم الاجتماع في إطار معين والفشل عند حصول نفرة أو تفكك أي صفة ظاهرة من التجمعات البدنية مع بقاء الاجتماع على المنهج الواحد والغاية الواحدة ، والمعترض هنا وكأنه يتهمني ويتهم قبلي الشيخ فركوسا بترك الاجتماع والجماعة ، مع أن البيان وتعليقي لا يعارض أبدا معنى الاجتماع والائتلاف البتة بل كل مرادي هو عدم قصر الدعوة على هذا الشكل والنمط وعدم زرع الشك وزعزعة الصف بهذه الفهوم والإلزامات المغلوطة ، وكما أني أريد شحذ همم إخواننا ومشايخنا في الجزائر وغيرها حتى لا يفشلوا وتذهب ريحهم وحتى لا يظن المحرشون الذين يفرحون بالتفرق والتنافر بأن هذا التفرق يخالف الاجتماع على الحق والعياذ بالله ...
فمقالي أردت به قطع الطريق على من يفرح ويشمت بأهل الحق ويحزنه الاجتماع لا العكس ...
(وما أريد إلا الإصلاح مااستطعت) ...
وكما أن مقالي هذا جاء اعتذارا للشيخ وتوجيها طيبا والتماسا لأحسن الوجوه وأفضل المخارج بما يمليه علينا وجوب إحسان الظن بعلمائنا وحمل كلامهم على خير محمل بلا تشويش ولا تهويش ولا إلزامات سيئة بحقهم ، ونكل نياتنا جميعا إلى الله تعالى فهو وحده من يحكم عليها سبحانه ، ولا نقبل التعريض بشيخنا فركوس حفظه الله ولا الطعن في نيته بأي وجه كان ...
فكم من علماء من بلدان مختلفة ودعوتهم واحدة رغم عدم اللقاء ولا يعد هذا منقصة لهم ...
فركز جيدا أيها القاريء الكريم قبل التسرع ، وتأدب مع مشايخك وإخوانك واعلم أن التعالم والتنمر والتطاول والخوض بسوء فهم دون تدبر كلها أمور مذمومة أعيذ نفسي وإياكم بالله منها ...
والحمد لله رب العالمين .
أبو عائشة بلال يونسي
مجموعة المدارسات العلمية
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=880635699504590&id=100026745030855