السبت، 26 أغسطس 2023

آثار جليلة لو تدبرها المتشاكسون في الفتنة ما افتتن منهم أحد ولسلموا جميعا من مغبتها أتباعا ومتبوعين إلا ماقضى الله في الأزل.....

 بسم الله الرحمن الرحيم .

(آثار جليلة لو تدبرها المتشاكسون في الفتنة ما افتتن منهم أحد ولسلموا جميعا من مغبتها أتباعا ومتبوعين إلا ماقضى الله في الأزل ، مع التذكير بأني معتزل للجميع ولا أخوض مع الخائضين وأن من استبان له الحق بدليله وتيقنه ولم يتناقض عند نصرته له فلا جناح عليه ، وأن هذه الفتنة من أسبابها انتهاج سياسة الهروب إلى الأمام مع تراخ شديد في علاج الاختلافات بين الشباب وبين الدعاة بحزم وعزم وكذلك هي نتيجة تراكمات ورواسب تقارب الثلاثين سنة وبطانات سيئة مع تساهل أوتودد إليها على حساب الحق وأهله والسكوت على البواطيل وتكميم الأفواه الناصحة تضييعا لفرض الكفاية في سبيل تقوية التكتلات العصبية والانتماءات الجهوية وضعف في سياسة الدعوة وتقصير عظيم في التعليم والإصلاح وإقبال كبير على الدنيا ومتاعها فكانت نتيجتها ما نراه من تناقضات وتذبذب والله الموعد ليحكم بين المتخاصمين ، فعلى المتخاصمين التحاكم إلى العلماء ليفصلوا بينهم ولا يتركوها للعوام وأشباههم ، فالعلماء الثقات المحايدون هم وحدهم من لهم النظر في ما ثبت ومالم يثبت ، وينظرون في نوع كل خطأ ومدى تأثيره في عدالة الداعية وقابليته لتعليم الناس دينهم ، فمن وجدوه مدانا استتابوه ، ومن وجدوا خطأه محتملا ناقشوه وستروا عليه ، ومن وجدوا خطأه غير محتمل ألزموه بالتوبة والبيان والتراجع إن كان خطؤه منتشرا وإلا فتكفيه التوبة والبيان لمن بلغه خطؤه .

وذلك لأن الأمور خرجت عن نطاقها ولم تعالج معالجة شرعية ، ودخل فيها كل من هب ودب وأكثر من يقودونها ويلهبون أوَّارها إما عوام أو أنصاف متعلمين أو انتهازيون متسلقون .

وأما من المصيب ومن المخطيء فهذا أمر لا يفصل فيه أمثالي ، وإن كنت أعتقد في نفسي أنه لا يخلو أحد الطرفين من أخطاء رؤوسا وأتباعا ، ولكنها ليست على وتيرة واحدة ولا نفس الخطورة بل هناك تفاوت .

وأبرز ماظهر لي مما يزيد الأمور حدة هو حضور حظ النفس بقوة وشيء من التحزب المقيت مما يمنع عن الإذعان للحق أوالتبرؤ من أخطاء الأنصار أو سماع صوت الحكماء الناصحين من هنا وهناك .

فالواجب فيما أعتقد هو الكف وعدم الخوض وترقب الفصل من العلماء ، فالعجلة غير محمودة عند وقوع الفتن .

وأقول كل هذا مع لفت الانتباه إلى أن أكثر من في الفتنة شيوخ لي فضلاء درست عليهم وأشرفوا علي أو تلاميذ أعزاء استفادوا مني أو إخوة في الله أريد لهم الخير والنفع كما أريده لنفسي ، وأنا من أعرف الناس بكثير من الحيثيات والكواليس التي لا يعلمها أكثر الخائضين ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي).


وقبل سرد هذه الآثار أذكر نفسي وإياكم بالحديث النبوي العظيم في الصحيحين: {ستكونُ فِتَنٌ ، القاعِدُ فيها خيرٌ مِنَ القائِمِ ، والقائمُ فيها خيرٌ منَ الماشي ، والماشي فيها خيرٌ من الساعي ، ومَنْ يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ ، ومَنْ وجد مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ}، والحديث النبوي الجامع في الترمذي وغيره: {دَع ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك} .

فأبدأ سردها وبالله وحده أستعين:

«ما رفعت أحدا فوق منزلته إلا وضع مني بمقدار ما رفعت منه» (1).

«إذا احببت فلا تكلف كما يكلف الصبي بالشيء يحبه وإذا أبغضته فلا تبغض بغضا تحب أن يتلف صاحبك ويهلك‏» (2).

«كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث، فقيل له: وما يدريك؟ قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب» (3) .

«إذا رأيتم أخا لكم زل زلة، فقوموه وسددوه وادعوا الله أن يتوب الله عليه ويراجع به إلى التوبة ولا تكونوا أعونا للشيطان عليه‏» (4) .

«أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما‏» (5) .

«اعرف الحق لمن عرَّفه لك شريفا أو وضيعا‏» (6) .

«من أنزل الناس منازلهم رفع المؤنة عن نفسه ومن رفع أخاه فوق قدره اجتر عداوته‏» (7) .

«كانوا يقولون‏:‏ لا خير لك في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى‏» (8) .

« إذا رأيتم الكتاب فيه إصلاح وإلحاق فاشهدوا له بالصحة» (9) .

«إذا أخطأتك الصنيعة إلى من يتقي الله فاصنعها إلى من يتقي العار» (10) .

«حللت حبوتي فهممت أن أقول : أحق بذلك منك من قاتلك وأباك على الإسلام ، فخشيت أن أقول كلمة تفرّق الجمع ، ويسفك فيها الدم ، فذكرت ما أعد الله في الجنان» (11) .

«اليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم،وسوء القصد، ثم إن الله يفضحهم، ويلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه، فنسأل الله التوفيق والإخلاص» (12) .

«لو سكت من لا يدري لاستراح وأراح ، وقل الخطأ وكثر الصواب» (13) .

«لو سكت من لا يعلم سقط الاختلاف» (14) .

«وقد قال بعض أهل العلم لو سكت من لا يعلم لاسترحنا» (15) .

«للهِ منزِلٌ نزلَهُ سعْدُ بنُ مالِكٍ وعبدُ اللهِ بنُ عمرَ واللهِ لئِنْ كان ذنبًا إنه لصغيرٌ مغفورٌ ولئن كان حسَنًا إنه لعظيمٌ مشكورٌ» (16) .

«إِنَّمَا كَانَ مَثَلُنَا فِي الْفِتْنَةِ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا يَسِيرُونَ عَلَى جَادَّةٍ يَعْرِفُونَهَا ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ غَشِيَتْهُمْ سَحَابَةٌ وَظُلْمَةٌ ، فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ يَمِينًا وَشِمَالا فَأَخْطَأَ الطَّرِيقَ ، وَأَقَمْنَا حَيْثُ أَدْرَكَنَا ذَلِكَ حَتَّى جَلَّى اللَّهُ ذَلِكَ عَنَّا ، فَأَبْصَرْنَا طَرِيقَنَا الأَوَّلَ فَعَرَفْنَاهُ وَأَخَذْنَا فِيهِ ، وَإِنَّمَا هَؤُلاءِ فِتْيَانُ قُرَيْشٍ يَقْتَتِلُونَ عَلَى السُّلْطَانِ وَعَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا ، مَا أُبَالِي أَنْ يَكُونَ لِي مَا يُفَتِّلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ الْجَرْدَاوَيْنِ» (17) .

«( لا أُقاتِل، حتى يأتوني بسيفٍ لهُ عَينان ولِسان وشَفَتان، يعرف المؤمن مِن الكافِر، فَقَد جاهدتُ وأنا أعرِف الجِهاد» (18) .


وكما أختم بهذه الآيات والأحاديث لعلها تنفع قلبا فيه حياة:

✓ قال الله تعالى: {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}} .

✓ وقال عز وجل: {{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }} .

✓ وقال سبحانه: {{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}} .

✓ عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: {يا أيُّها النَّاسُ إيَّاكم والغُلوَّ في الدِّينِ فإنَّهُ أهْلَكَ من كانَ قبلَكُمُ الغلوُّ في الدِّينِ} [أحمد وغيره] .

✓ عن عُقبة بن عامر رضي الله عنهُ قال : قلتُ : " يا رسولَ اللهِ ، ما النَّجاةُ ؟ " ، قال : {أمسِكْ عليكَ لسانَكَ ، وليسعْكَ بيتُك ، وابكِ على خطيئتِكَ} [الترمذي] .

✓ وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: {التُّؤدةُ في كلِّ شيءٍ خيرٌ إلَّا في عملِ الآخرةِ} [أبو داود] .

✓ عن المقداد بن عمرو بن الأسود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّ السعيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ ، إنَّ السعيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ ، إنَّ السعيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ ، ولَمَن ابتُلِيَ فصَبَر ؛ فَوَاهًا} [أبو داود] .

✓ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن} .[صحيح مسلم] ، قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: "وَلَيْسَ الْمُرَاد نَفْس الشِّعْب خُصُوصًا، بَلْ الْمُرَاد الانْفِرَاد وَالاعْتِزَال، وَذَكَرَ الشِّعْب مِثَالا لأَنَّهُ خَالٍ عَنْ النَّاس غَالِبًا".

وقد صدق شيخ الإسلام رحمه الله حين قال: "وذلك أن الفتن إنما يُعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت، فأما إذا أقبلت فإنها تُزَيَّن، ويُظن أن فيها خيراً، فإذا ذاق الناس ما فيها من الشر والمرارة والبلاء، صار ذلك مبيِّناً لهم مضرتها، وواعظاً لهم أن يعودوا في مثلِها. كما أنشد بعضهم :

الحرب أول ما تكون فَتِيَّة ** تسعى بزينتها لكل جُهُول.

حتى إذا اشتعلت وشب ضِرامُها ** ولَّت عَجُوزاً غيَر ذات حَلِيل.

شَمْطاء يُنكر لونها وتغيَّرت          مكروهة للشم والتقبيل" ، "من استقرأ أحوال الفتن التي تجري بين المسلمين تبيَّن له أنه ما دخل فيها أحدٌ فحُمِدت عاقبةُ دخوله؛ لما يحصل له من الضرر في دينه ودنياه؛ ولهذا كانت مِن باب المنهيِّ عنه، والإمساك عنها من المأمور به الذي قال الله فيه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}" ، “فالفتنة إذا ثارت عجز الحكماءُ عن إطفاء نارها” [ منهاج السنة] .

وقد نص غير واحد وكما روي عن علي رضي الله عنه وعن غيره من سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أن اجتناب الفتن أسلم من دخولها وأن اعتزال الفتن أعظم أحواله في حق من ظهر له جانب صواب في إحدى الفئتين أن يكون صنيعه خذلانا للحق مع عدم نصرة الباطل وهذا أسلم من أن يكون في فعله نصرة الباطل مع خذلان الحق حين يدخل بلا علم ولا يقين فيما يفعل مذبذبا في ذلك كما هو حال أكثر العوام وأنصاف المتعلمين والمتسلقين وأصحاب المآرب والأطماع الزائلة من أدعياء العلم والمشيخة .

 

والله المستعان

أبو عبيدة بلال السكيكدي

___________

(1) (9) (10) حلية الأولياء عن الشافعي رحمه الله .

(2) كنز العمال ، من نصيحة لعمر رضي الله عنه لمولاه أسلم رحمه الله .

(3) تاريخ بغداد وغيره عن أبي زرعة الرازي رحمه الله .

(4) كنز العمال نقلا عن ابن أبي الدنيا وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما .

(5) ، (6) ، (7) كنز العمال عن علي رضي الله عنه .

(8) كنز العمال عن مجاهد رحمه الله .

(11) صحيح البخاري .

(12) الذهبي في السير . 

(13) المزي في التهذيب .

(14) ابن عبد البر في الجامع .

(15) المعافى بن زكرياء في الجليس الصالح . 

(16) الطبراني عن علي رضي الله عنه .

(17) سير الأعلام عن ابن عمر .

(18) مجمع الزوائد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .

رابط المقال






الخميس، 24 أغسطس 2023

حُقَّ البكاءُ على ذنب ومعصية ** فالخطب أعظم إن لم يغفر الباري ...

 حُقَّ البكاءُ على ذنب ومعصية ** فالخطب أعظم إن لم يغفر الباري .

لا ليس يكفي الرجاء دونما عمل ** فيه الصلاح لما هدمتُ من داري .

دار القرار وما أدراك ما الدار ** إما عمار وإما حسرة النار . 

فاختر لنفسك دارا أنت بانيها ** واربأ بدينك عن سخط وأوزار . 

ونظم جوابا على أبي لمياء:

أبو عبيدة بلال يونسي السكيكدي

الرابط



ويح الذي جعل الرجال مدارجا ** لمآربٍ سفلية وضِراب ...

 ويح الذي جعل الرجال مدارجا ** لمآربٍ سفلية وضِراب .

يا صاحبي ليس الرجال مطية ** لمصالح الأخباب أهل خراب .

كنا نرى منكم مودة مومس ** ترجو نوالا في دروب الغاب .

وإذا تقوَّت أصبحت قديسة ** في عين كل منافق كذاب .

اخسأ أيا خبا لئيما خائنا ** فرحابنا طهر وكل جناب .

فالود فينا منعة وحمية ** لا نخلط الغوغاء بالأحساب .

ساحاتنا نسف لكل مؤفّن ** ومحطة للصادقين تحابي .

هاذي خصال أخيكمُ وحلومهُ ** من يلزمُ شرطي فذاك طِلابي .

هاقد أجزت أخي أبا اللمياء في ** قولٍ له (يا خيبة الأصحاب) .

نظمها:

أبو عبيدة بلال يونسي السكيكدي


الرابط



الأحد، 20 أغسطس 2023

حقيقة تدمي القلب ولكن لا تعم الجميع فلا يزال في الأمة خير حتى تقوم الساعة

 ((حقيقة تدمي القلب ولكن لا تعم الجميع فلا يزال في الأمة خير حتى تقوم الساعة))

نقولها ولا نخاف من أحد غير الله: في رحلتي الدعوية يقصدني الكثير من إخواني لأبحث لهم عن زوجة ، ومن العجائب أننا نقصد بيوتا فيها نساء تعدى سنهن الخامسة والعشرين حتى بلغن سن التاسعة والعشرين والثلاثين ولايزلن مستنكفات ممتنعات عن الزواج من الرجل الكفء مع إكثارهن وأهلهن من الشروط الغبية ، مع أنه من العجائب في هذا الزمان أن الحرام صار سهلا جدا فكثير من الفتيات وأشباههن في المدارس والجامعات والمؤسسات أصبحن يعملن علاقات خارج إطار الزواج بداية من آخر سنة في الابتدائية من سن الحادية عشرة وكذلك في المتوسطات والثانويات ويفعلن كل شيء محرم وكأنهن متزوجات ، بل يستعملن نفس مصطلحات المتزوجين (مرتبطة ، على علاقة ، محكومة ، أوكيبي ، ...) ، وعندما يتقدم لهن ابن الأصل يقول أهلها مازالت تدرس أو مازالت صغيرة على الزواج أو يدعون أن المتقدم للزواج لا يتوفر على المواصفات مع أن نفس الفتيات العازفات قد عملن علاقات بالمجان مع شباب بطالين ومشردين ومع قبيحي الشكل والأخلاق ...

فإلى الله المشتكى وحسبنا الله ونعم الوكيل في كل من أعان على هذا الفساد من أولياء وغيرهم ..   

وحقا تركنا ما أمر به الشرع وتابعنا الغرب والمسلسلات الهابطة ، فقد صدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .

وها نحن نعيش في فتنة وفساد كبير كما ذُكر في هذا الحديث الشريف .

ومن كلام السلف أنه "كلما أُميتت سنة خلفتها أو أُحييت بدعة" ، وهاقد أميتت سنة التبكير بالزواج وأميتت سنة تزويج صاحب الخلق والدين ، فخلفتهما بدعة تأخير الزواج واللهث خلف المناصب والأموال والجمال ، فانتشر الحرام والدياثة والشذوذ في عوائل المسلمين وأولادهم إلا ما رحم ربك من سن مبكرة بل حتى قبل بلوغ الأطفال ، وذلك من قلة أهل النخوة من الرجال والنساء في زمننا هذا وبعدنا عن شريعة ربنا وافتتاننا بشهوات الدنيا وزخارفها الفانية .

فإلى الله المشتكى والله المستعان ...

أبو عبيدة بلال السكيكدي





الاثنين، 14 أغسطس 2023

رسالة واضحة صريحة إلى سفهاء المواقع في كلا الجهتين ومن يؤزهم من دعاة السوء والفضيحة

 ((رسالة واضحة صريحة إلى سفهاء المواقع في كلا الجهتين ومن يؤزهم من دعاة السوء والفضيحة)):


يامن تصفوننا بالمخذلة يجب عليكم أن تعلموا أمرا وأن تثبتوا أمرا آخر كي نلزمكم حينها بالأمر الثالث:

فالأول: أن تعلموا أن المخذل شرعا هو من عرف الحق واعتقده وكان له دينا ثم تنكب عن نصرة أهله فلم ينصر أهل الحق الذي يعتقده ويعلمه وربما حاربهم أو أعان أعداء الحق أو سكت عن باطلهم مع قدرته على رد الباطل ونصرة الحق وأهله .

والثاني: أن تثبتوا أننا نوافقكم أو سبق وواوفقناكم على كل ماتقولون وتعتقدون وتنتهجون وتعملون وتخططون وتؤلبون وتجيشون وتخلطون ، وأن تثبتوا أننا لم ننصر الحق الذي معكم ، وأن تثبتوا أننا نصرنا الباطل وأهله أو سكتنا عن الباطل والأخطاء مهما كان قائلها ، وأن تثبتوا أننا قدرنا على البيان بشروطه وسكتنا .

والثالث: فإن لم تثبتوا الثاني مع إقراركم بالأول فحينها نلزمكم بالكف عنا والتوبة إلى الله تعالى مع ترك اللف والدوران ومداعبة عواطف السذج من أتباعكم السكارى وأن تسموا الأشياء بمسمياتها الشرعية ولا تشتروا الحق بالباطل وأنتم تعلمون وأن يوم الحساب قريب وعلى الباغي تدور الدوائر ، وعليكم أن تبينوا للناس ماأنتم متيقنون أننا خالفناكم فيه وماعلمتم أننا أنكرناه عليكم من مسائل وتصرفات بكل عدل وصدق وإنصاف ولو على أنفسكم ، وأن ترجعوا عن التلاعب بالقواعد والنصوص وخلط الحق بالباطل وأن تتوقفوا عن تعبئة الدعاة والدهماء هنا وهناك لتقووا شوكتكم وتنالوا منهم كلام حق يراد به الباطل .

وفي الختام أذكركم بأنكم أنتم من خذلتمونا وحاربتمونا وأرهبتمونا وجيشتم للتحذير منا يوم بيَّنا وأنكرنا ورددنا وناصحنا وقد أخرتم البيان عن وقت الحاجة مع قدرتكم ونحن لم نؤخره مع ضعفنا حينها مع مراعاتنا للمصلحة بعدم تفويت البيان ، ثم هاأنتم تظهرون الإنكار والبيان بعد فوات الأوان نصرة لمصالحكم لا غير مما كان سببا لفتنة عظيمة ، وهانحن اعتزلناكم بعد أن عرفناكم وبعد أن قلنا كلمتنا في سبيل الله في وقتها ولله الحمد . 


وكتب:

أبو عبيدة بلال يونسي السكيكدي


رابط المقال


تعليقات على المنشور:









السبت، 15 يوليو 2023

لما كان العرب في كثير من الجوانب المعيشية والأخلاقية والاجتماعية على الفطرة السليمة...

 لما كان العرب في كثير من الجوانب المعيشية والأخلاقية والاجتماعية على الفطرة السليمة فقد كانوا يسمون أولادهم كليبا وكلبا وكلابا ويمتدحون الكلاب لوفائها وعظيم انتفاعهم بها ، وعندما انحرفت الفطر صاروا يطلقون اسم الكلب على من أرادوا شتمه وانتقاصه ، بينما تجدهم يعظمون الذئب الذي يهينهم ويخيفهم ويتهجم عليهم وعلى ممتلكاتهم .

أبو عبيدة بلال السكيكدي


الرابط




السبت، 1 يوليو 2023

قال أحدهم: إني لأستعين على قضاء حوائجي بقضاء حوائج غيري ...

 قال أحدهم: إني لأستعين على قضاء حوائجي بقضاء حوائج غيري وإن كنت قد لا أوفق في إعانتهم أحيانا لموانع تطرأ يعلمها الله ولكني أستحضر النية والعزم والإلحاح حسب الاستطاعة وكأنها حاجتي أنا، فيقضي الله حوائجي دون سؤال أحد غيره سبحانه .

وقال أيضا: لا أستعين بالوساطات لقضاء حوائجي وغالبا لا أشتكي على من ظلمني من أصحاب الكراسي غير الله وأن يشغله الله بنفسه وبأقرب الناس إليه وأجعل سلاحي في ذلك دعاء الأسحار وتضرع الخلوات لله الواحد القهار، فأرى الإجابة بأم عيني وأرى الخزي والهوان يحيق بهم ونصر الله لي عليهم رغم قوتهم وأرى ابتلاءهم بما يحبون وتسلط من فوقهم عليهم وأرى نفسي أزداد عزة وتوفيقا ولله الحمد وحده.

فسبحان الناصر المعين الذي أوحى إلى عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يوصي غلاما صغيرا بقوله: ( يا غلامُ، إني أُعَلِّمُكَ كلماتٍ، احفظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احفظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استَعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوكَ بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، ولو اجتمعوا على أن يضروكَ بشيءٍ، لم يضروكَ بشيءٍ إلا قد كتبه اللهُ عليكَ، جَفَّتِ الأقلامُ ورُفِعَتِ الصُّحُفُ).

أبو عبيدة بلال السكيكدي


الرابط




السبت، 24 يونيو 2023

الحلقة الثانية من سلسلة ((رسالتي إلى ابني المراهق))

 الحلقة الثانية من سلسلة ((رسالتي إلى ابني المراهق))

بسم الله الرحمن الرحيم


السؤال:

انا كنت في علاقة  مع شاب في اوت  2018   و تقدم ل خطبتي  بعد رمضان و انا لم اقبل  مع اني احبه و بعدها رجعنا لبعضانا و ساعات نتقابضو بالشهور و في اكتوبر 2020 تقدم اخر بخطبتي و بدون تفكير حتى قبلت بيه   و بعدها حكا معايا لي كنت معاه  و مزالني نحبو  قالي ارفضي و نجيك انا  رفضت و بابا مقبلش محبنيش نبطل و لي كنت معاه قالي حسبي الله ونعم الوكيل فيك  انا بقيت نخمم فيها وش ندير تعيش  حرقتلي قلبي حسبي الله ونعم الوكيل فيك  انصحني تعيش .


الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحب الحقيقي هو الحب المبني على الشرع ، وأما ما سواه فهو لا يعدو عن كونه مشاعر غريزية هرمونية تحركها هرمونات اللذة مثل هرمون الدوبامين والاندريالين والسيروتونين .

وعليه فلا يجوز تتببع هذه الغرائز وترك نداء الوحي والعقل .

وأعطيك مثالا ، فلو أنك أحببت يهوديا او نصرانيا او بوذيا وثنيا ولم يقبل أن يدخل في الاسلام فماذا ستفعلين ، هل ستحاربين الله ودينه او ترضخين للأمر الواقع ولا تتزوجي بالكافر .

ولذلك فاعلمي أن الله لم يظلمنا لما أمرنا بأن نتزوج الرجل الخلوق صاحب الدين وأمرنا بطاعة الوالدين وأن الزواج لا يتم بغير رضى ولي المرأة ، وذلك لأن المرأة والشاب في مرحلتكم يمرون بتغيرات هرمونية قوية تؤثر في العقل ، ولا يعتمد عليها في معرفة الشريك المناسب .

وقد اتفق جميع العلماء على اختلاف تخصصاتهم على ذلك فراجعيه .

وبناء على ذلك أنصحك بالزواج بالرجل الذي خطبك من أبيك وأن تطيعي أباك ولا تلتفتي للعشيق ، وعليك بالتوبة من علاقتك السابقة وقطع علاقتك معه نهائيا ، وإن رأيت أن هناك مصلحة في إخبار الخاطب الجديد بعلاقتك القديمة فلا حرج مادام لا تحصل مشاكل .

وأما عشيقك فقد وقع في كبيرة عظيمة لأنه خبب امرأة وأفسدها على خطيبها والله المستعان .

ولمزيد تفصيل راجعي الحلقة الأولى من هذه السلسلة على الرابط :(https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=738266257074869&id=100026745030855)

بالتوفيق .

مع ارتقاب الحلقة الثالثة إن شاء الله من هذه السلسلة حول العلاقات غير الشرعية لبيانو معنى المراهقة وهل يوجد في الاسلام مراهقة وماهو وقتها ، وغيرها من استفسارات .

أبو عائشة بلال يونسي السكيكدي


الرابط




التفصيل في ما يسمونه بالعلاقات الغرامية بين تلاميذ الثانويات والجامعات

 .. اقرأها أيها المبتلى حتى النهاية ..


الحلقة الأولى من سلسلة :

(( رسالتي إلى ابني المراهق )):


وعنوان هذه الحلقة هو :

( التفصيل في ما يسمونه بالعلاقات الغرامية بين تلاميذ الثانويات والجامعات) :


بسم الله الرحمن الرحيم .


السؤال:

سلام عليكم هل لي بسؤال ؟

ماهو التفصيل في العلاقات الغرامية التي تقام بين البنات والذكور في المدارس وفي أماكن العمل ؟


الجواب :

يقول الله تعالى :

(فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ)

وقال تعالى: (محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) .


وهنا في قوله جل جلاله : ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ) نرى أن الله سبحانه فكما شرط الإحصان في النساء ، وهي العفة عن الزنا ، كذلك شرطها في الرجال وهو أن يكون الرجل أيضا محصنا عفيفا ; ولهذا قال : ( غير مسافحين ) وهم : الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ، ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم ، ( ولا متخذي أخدان ) أي : ذوي العشيقات الذين لا يفعلون الفاحشة إلا معهن .

وهنا نلاحظ أن الله تعالى حرم الزواج بالرجل أو بالمرأة الذين يتصفان بإحدى الصفتين وهما :

أولا: صفة السفاح وهو العلاقات المحرمة المتعددة .

ثانيا : صفة اتخاذ الخدن وهو اتخاذ العشيق ، ويسمى بلغة الشارع والعوام (الصاحب) أو (كوبل) أو (تمشي أو يمشي معها) .

وقد حرم الإسلام الزنا، وحرم اتخاذ العشيق ،

فلا فرق بينهما .

(استفسار من السائل : إذا لا فرق بين الزنا و العلاقات الغرامية؟) .


تكملة الجواب:

نعم فلا فرق بينهما من حيث أن كلمة الزنا تعمهما ، وبينهما اختلاف فقط من حيث إقامة الحد ومن حيث الشناعة وأن المواقعة (أي فعل الفاحشة بإيلاج الذكر في الفرج المحرم) اعظم من مجرد المواعدة والملامسة دون مواقعة .

وكلها تسمى في الشرع زنا .

وان شئت فاقرأ هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك كما روى البخاري (6243) ، ومسلم (2657) عن أَبي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) .

فالسرقة والزنا وغيرها من المحرمات تنقسم إلى قسمين ، قسم فيه حد وقسم محرم ولكنه لا حد فيه ، ومثال ذلك سرقة بيضة يسمى سرقة ولا حد فيها ، وسرقة مليون سنتيم يسمى سرقة وفيه حد أي قطع اليد .

وكذلك الزنا هناك ما فيه حد وهو الزنا بالأجنبية عنك بإدخال ذكرك في محل الولادة (والأجنبية هي من لا تحل لك جماعها) ، ومن الزنا من لا حد فيه ولكنه محرم مثل اللمس والقبلة والاحتضان .


وقد اعتبر الإسلام ، بل حتى في الجاهلية قبل الإسلام وحتى عند غير المسلمين تعتبر كل العلاقات المحرمة من الزنا ، وإن شئت فاقرأ هذا الخبر عن امرأة أعرابية أدركت الجاهلية فسألها أحد المسلمين عن حقيقة الزنا عندهم قبل الإسلام ماهي فقالت :

(الزنا عندنا هو القبلة والقبلتان والحضن والحضنان) ، فقيل لها : (فإن جلس الرجل بين شعبها الأربع) ، فقامت مفجوعة وقالت : (ويحه ، هذا طالب ولد) ، ومعنى (شعبها الأربع) كناية عن الإيلاج في محل الولادة ، وشعبها الاربع هي رجلاها ويداها  .

وأما إذا سألت عن الطريقة الشرعية في الزواج ، فأجيبك بأن طريقة الإسلام هي تحصيل اسباب القدرة على الزواج ، وتسمى (الباءة) ، وحين تتحقق الباءة فحينها تبحث عن الزوجة الصالحة ، وحين تجدها فتتقدم إلى أوليائها لخطبتها .

وأما إذا أحببت فتاة وأنت لا تملك الباءة بعد ، فلا يجوز لك التقدم إليها ، ويجب عليك أن تكتم ذلك الحب لأنه من الشيطان ، لأن الحب الحقيقي يكون بعد الزواج ، ويكون في الله ، وليس الحب لأجل الجمال أو لأجل شيء غير الدين ، فكل ما سوى الدين هو عشق شيطاني ، وسرعان ما يتلاشى مع مرور الأيام ، كما هو مشاهد عند العشاق .

وإن شئت فاقرأ الحديث المتفق عليه الذي رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

ومعنى (الوجاء) هو إضعاف الشهوة وتحصيل أسباب العفة عن الفاحشة .

وهذه العلاقات وتقليد الكفار فيها من عمل الشيطان ومن تغيير خلق الله ومن الانحراف عن الفطرة السليمة ، قال الله تعالى مخبرا عن إبليس : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) .

وقال جل جلاله أيضا : (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ( 16 ) ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)

وقال سبحانه في ما يريده الكفار بأهل الإسلام وشبابهم : 

(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ) .

وقال تعالى : (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) .

وهذا بسبب حسدهم للمسلمين وغيرتهم من دينهم الحق ، فريدون إضلالهم كما ضلوا هم .

ولذلك فقد عملوا للمسلمين المكائد بعد المكائد فقال عز من قائل في حق ما يريده بنا النصارى واليهود قاتلهم الله : (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) .

وهذه الآية هي خير شاهد علينا بأن من عرف الحق وبلغه طريق الهداية فلا يجوز له العدول عنه إلى ما سواه ، وقد قال تعالى في محكم تنزيله أيضا : (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) .

والمؤمن إذا عرف الحق وبلغه أمر الله ونهيه وجب عليه التزامه والتسليم به والاستسلام لحكمه ولا يجتهد رأيه مع وجود نص شرعي ، فقد جعل الله سبحانه التصديق والقبول بما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم شرطا لصدق الإيمان وصحة الإتباع فقال : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ، وكذلك لا يستعمل الإنسان عقله الضعيف القاصر لرد النصوص الصحيحة بحجة أنه لم يعرف الحكمة من الوجوب أو من التحريم لأن الله ألزمنا بالاتباع والاستسلام لقضائه ولم يجعل ذلك متوقفا على معرفة الحكمة أو العلة وذلك في قوله : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) ، ويجب عليه محبة ما أمر الله به وعدم كره ما شرعه الله وما أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لأن كره أوامر الله ونواهيه محبط للأعمال وناقض للإسلام وسبب من أسباب الردة عن الدين ، قال تعالى : (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) .

وفي الحديث المشهور _وإن كان فيه ضعف ولكن معناه صحيح وموافق لروح الشريعة ونصوصها_ وهو المروي عَنِ الْحَارِثِ بن مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ ؟ قَالَ : أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا ، فَقَالَ : انْظُرْ مَا تَقُولُ ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ ؟ فَقَالَ : قَدْ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا ، وَأَسْهَرْتُ لِذَلِكَ لِيَلِي ، وَاطْمَأَنَّ نَهَارِي ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا . فَقَالَ : يَا حَارِثُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ . ثَلاثًا .) .

 ففي هذا الحديث أمر بلزوم ما عرفته من الحق واطمأن إليه قلبك ولا عبرة بما عليه أكثر أهل الأرض لأن العبرة بالحق وموافقته وليس بكثرة من يتبع الباطل ، فقد ذم سبحانه الكثرة فقال تعالى : (وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ) .

ولعلي أختم بهذه الآيات الكريمات ففيها شفاء وهدى لمن تدبرها ، قال جل جلاله : ( وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا ۖ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ ۚ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ۚ قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) .

وقال سبحانه في حالنا مع الشيطان حين يتبرأ من أتباعه يوم القيامة :

(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .

وكما قال في حق رفقاء السوء وتبرئهم من بعض يوم القيامة وأن الرسول سيشهد على من تركوا اتباع شريعته واتبعوا أهواءهم وعادوا دينه وأتباعه وسخروا منهم ووصفوهم بالرجعية والتخلف : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) .

وسيكون رفقاء السوء وأصحاب العشق الشيطاني أعداء يوم القيامة ، فقد قال تعالى : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ ) .

وقد جاء في الحديث المتفق عليه من رواية البخاري ومسلم أن الشاب الذي ترك شهواته من صغره وتعلق قلبه بعبادة ربه والصلاة في المساجد وكانت محبته لإخوانه في الله ولم تكن لأجل الدنيا ولأجل الشهوات فهو في ظل العرش يوم القيامة وذلك حين تدنو الشمس من الخلائق مقدار شبر ، فعن أبي هريرة قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) [متفقٌ عَلَيْهِ] .

فمن عرف كل هذا وغفل عنه وأعرض عن العمل به فقد توعده الله بأنه سيحشر أعمى وتسحب منه نعمة البصر ونعمة التدبر لأنه عطلها في الدنيا ولم يستعملها فيما ارتضاه الله ، فقال تعالى : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ( 124 ) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)

وأختم بقوله تعالى في حال النزاع الذي يكون بين قرناء السوء من شياطين الإنس ومن شياطين الجن ومن اغتر بهم من الناس وذلك في قوله تعالى : (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيد) .


فنسأل الله العفو والعافية وحسن الاتباع وحسن الخاتمة .

والله اعلى واعلم .


{ (ملاحظة) :

في الحلقة الثانية سيكون الكلام بحول الله في المراهقة وحقيقتها وأنواعها والحب الغريزي الهرموني ، وكذلك ما يسمى بالحب في فترة المراهقة ، وأحكامه وعلاقته بالفطرة المحكومة بالعقل والشرع .} .


أعدت ترتيبها وتهذيبها وتنسيقها :

ليلة 25 جمادى الآخرة 1442 هجرية

الموافق 7 فبراير 2021 نصرانية

أبو عبيدة بلال يونسي السكيكدي.


الرابط




الجمعة، 23 يونيو 2023

خطآن يقع فيهما الكثير يخص أيام العيد


خطآن يقع فيهما الكثير يخص أيام العيد:

الاول : أن عيد الفطر يوم واحد فقط وليس يومان فيجوز بدء صوم القضاء والست من شوال من ثاني يوم ، وأما عيد الأضحى فهو أربعة أيام يجوز فيها الذبح جميعا وليس يوما واحدا فقط للذبح والعيد .

الثاني : أنه لا يوجد دليل على مشروعية ترك العمل في أيام العيد بل الأدلة تدل على ان اعتقاد مشروعية او سنية ترك العمل في الأعياد يعد بدعة ضلالة ، فالعيد ليس مناسبة للتبطل وترك العمل بل هو للذكر والشكر والصلاة وحتى عمل الدنيا جائز وليس من السنة اعتقاد ترك وتعطيل الأشغال والمصالح في يوم العيد ، فمن ترك العمل من باب العادة فعليه ان يحذر من تحوله اعتقادا وأما جواز اخذ راحة من العمل في العيد فهو جائز بشرط ان لا ينجر عنه تعطيل مصالحه او مصالح غيره وبشرط أن لا يبلغ حد الاعتقاد فحينها ينقلب بدعة ، فتنبهوا .

أبو عبد الله بلال يونسي السكيكدي

مجموعة المدارسات العلمية


الرابط