الجمعة، 10 سبتمبر 2021

كلمات يسيرة في أن العلم لا يؤخذ إلا من عند من شهد له أهل العلم بالعلم وعمن شهد له الناس بالطلب وعرف به...

 (( كلمات يسيرة في أن العلم لا يؤخذ إلا من عند من شهد له أهل العلم بالعلم وعمن شهد له الناس بالطلب وعرف به ، فلا يؤخذ عن المتبطلين والمفاليس والمجاهيل والمراجيج المخابيل وأن التزكية ليست شرطا بل مؤانس وشهادة وأمانة يسأل عنها صاحبها [وفي طياته بعض التزكيات والإجازات من أهل العلم لأبي عائشة بلال يونسي - وفقه الله - مدير مجموعة المدارسات العلمية )) .

(بقلم أبي عائشة بلال يونسي_عفا الله عنه_)


بسم الله الرحمن الرحيم


هذه كليمات جاءت قصرا إجابة لمن لا يسعني رد طلبهم بعد أن كثر الإلحاح بمناسبة افتتاحنا لمجموعة المدارساات العلمية ، فأراد أهل الحق إبكات المشوشين من الصعافقة وأشباههم المتسترين المتخفين بين صفوف السلفيين الصادقين الثابتين الواضحين من الذين يبتغون إسقاط طلاب العلم ويتمسحون بمشايخنا وهم يضمرون خلاف ما يظهرون وليس همهم إلا أن يخلو لهم الجو وهم لا يريدون طلاب العلم بالثلب وإنما يريدون علماءنا ثم منهجنا وديننا من وراء كل ذلك ، وقد أعيتهم وقفات طلاب العلم في وجوههم وإبطال مخططاتهم وزهق بنيانهم الضرار الباطل في كل مرة فحملوا عليهم الحقد وربوا الحسد فكان محرقهم بقوة الله الصمد ، وقد لبيت هذا الطلب قطعا للطريق على هؤلاء اللئام والخبثاء وأكثرهم ممن يحضرون مجالس المشايخ والدعاة أو ممن يظن فيهم أنهم من طلاب العلم ، وهم على خلاف ذلك قلبا وقالبا والعياذ بالله ، دينهم التحريش بين أهل العلم وديدنهم الكذب والتشويش ، ويقوون على حين فرقة من أهل الحق ويخنسون حين اجتماع الكلمة وظهور المحجة ، فهم مع الجمهرة حيث كانت ومع الفتنة حيث جاءت ، كفانا الله وإياكم شرهم ، ووالله يعلم من خالطني وسبر أحوالي أني من أبعد الناس عن تطلب التزكيات وعن تتبع الألقاب والتفخيمات ، بل أكررها في كل محفل أن الغلو في التزكيات من الأتباع والتساهل فيها من المتبوعين لهو باب من أعظم أبواب الصعفقة ولج منه المبطلون المفسدون الجائرون المعتدون في حق العلم وأهله من أنصاف المتعالمين وأشباه المتعلمين ، بل وقلت لأحبتي وكررتها في كتاباتي أكثر من مرة أن الرجل يزكيه علمه وعمله ومنهجه ودعوته ، وأن التزكية بالاشتهار بالدعوة وصفاء المنهج وقوة العلم  أعلى رتبة من التزكية بالنص من عالم أو اثنين سواء اختبروه أو أخبروا عنه ، وأن من اشتهر بالسنة والعلم والدعوة إليهما والصدق فيهما لا يضره جرح ولا يقبل فيه بلا دليل ولو صدر من أعلم الناس بالجرح والتعديل ، فكيف إذا عرف سببه وأنه من صنع أهل التحريش والوشاية ومن مكايد الأعداء ومن هم مجروحون أصلا ومطعون في حكمهم وخبرهم بأوجه رد الشهادة المعروفة ، فأقول :


قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله : " ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني : ( هل تراني موضعا لذلك ؟ ) ، سألت ربيعة ، وسألت يحيى بن سعيد ، فأمراني بذلك ، فقال له رجل : فلو أنهم نهوك ؟ قال مالك : كنت أنتهي ، لا ينبغي للرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه " .


وعن مالك أيضا في رسالته إلى محمد بن مطرف : " سلام عليك فانى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو اما بعد فانى أوصيك بتقوى الله فذكره بطوله ثم أخذه يعنى العلم من أهله الذين ورثوه ممن كان قبلهم يقينا بذلك ولا نأخذ كلما تسمع قائلا يقوله فإنه ليس ينبغي ان يؤخذ من كل محدث ولا من كل من قال وقد كان بعض من يرضى من أهل العلم يقول إن هذا الامر دينكم فانظروا عمن تأخذون عنه دينكم  " .


وقال ابن عون : " لا تأخذوا العلم إلا ممن شهد له بالطلب " .


وقال بهز بن أسد رحمه الله : " لو أن لرجل على رجل عشرة دراهم ثم جحده لم يستطع أخذها منه إلا بشاهدين عدلين فدين الله عز وجل أحق أن يؤخذ فيه بالعدول " .


قال الخطيب البغدادي : " [باب في أنّ المحدث المشهور بالعدالة والثقة والأمانة لا يحتاج إلى تزكية المعدل] :

مثال ذلك أن مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج، وأبا عمرو الأوزاعي، والليث بن سعد، وحماد بن زيد، وعبد الله بن المبارك، ويحيى ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم، وأحمد بن حنبل، وعلى بن المديني، ويحيى بن معين، ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر، واستقامة الأمر، والاشتهار بالصدق والبصيرة والفهم، لا يسأل عن عدالتهم، وإنما يُسأل عن عدالة من كان في عداد المجهولين، أو أشكل أمره على الطالبين

وذلك أنّ النفسَ تطمئن إلى عدالة أمثال أولئك الأئمة الأعلام باشتهار ذلك عنهم اطمئناناً أقوى من شهادة الواحد والاثنين بعدالتهم " .

قلت (أبو عائشة بلال يونسي) : وفي كلام الخطيب ونقله دليل صريح صارخ على أن الاشتهار بالسنة والعلم هو أقوى أبواب التزكية وأظهرها على الإطلاق ، وذلك أن التزكية نور على نور وهي للدلالة والإرشاد على أهل الخير ومن النصيحة في دين لله الواجبة على أهل العلم والدعوة الصحيحة ، وهي يستأنس بها وليست أساسا يعتمد عليه مطلقا حتى توافق التزكية حال المزكى . 


وقال الحافظ النووي رحمه الله : " ولا يتعلَّم إلا ممن تكملت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته؛ فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: (هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " ومن له في الأمة لسان صدق بحيث يثنى عليه ويحمد في جماهير أجناس الأمة فهؤلاء أئمة الهدى ومصابيح الدجى ".


وقال العلامة الشاطبي رحمه الله : "والعالم إذا لم يشهد له العلماء، فهو في الحكم باقٍ على الأصل من عدم العلم؛ حتى يشهد فيه غيره ويعلم هو من نفسه ما شهد له به، وإلا فهو على يقين من عدم العلم أو على شك، فاختيار الإقدام في هاتين الحالتين على الإحجام لا يكون إلا باتباع الهوى، إذ كان ينبغى له أن يستفى في نفسه غيره ولم يفعل، وكل من حقه أن لا يقدم إلا أن يقدمه غيره ولم يفعل ".


وقال الإمام الألباني رحمه الله معلقا على كلام  الشاطبي السابق : " هذه نصيحة الإمام الشاطبي إلى العالم الذي بإمكانه أن يتقدم إلى الناس بشيء من العلم بنصحه بأن لايتقدم حتى يشهد له العلماء خشية أن يكون من أهل الأهواء، فماذا كان ينصح يا ترى لو رأى بعض هؤلاء المتعلقين بهذا العلم في زماننا هذا ؟ لاشك أنه سيقول له : (ليس هذا عشك فادرجي) فهل من معتبر ؟ و إني والله لأخشى على هذا البعض أن يشملهم قوله صلى الله عليه وسلم: (ينزع عقول أهل هذا الزمان، و يخلف لها هباء من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء و ليسوا على شيء) و الله المستعان " .


وقال الإمام العثيمين رحمه الله : " فلابد من معرفة من هم العلماء حقاً، هم الربانيون الذين يربون الناس على شريعة ربهم حتى يتميز هؤلاء الربانيون عمن تشبه بهم وليس منهم ، يتشبه بهم في المظهر والمنظر والمقال والفعال ، لكنه ليس منهم في النصيحة للخلق وإرادة الحق ، فخيار ما عنده أن يلبس الحق بالباطل ويصوغه بعبارات مزخرفة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، بل هو البدع والضلالات الذي يظنه بعض الناس هو العلم والفقه وأن ما سواه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون .

هذا معنى كلام المؤلف - رحمه الله- وكأنه يشير إلى أئمة أهل البدع المضلين الذين يلمزون أهل السنة بما هم بريئون منه ليصدوا الناس عن الأخذ منهم ، وهذا إرث الذين طغوا من قبلهم وكذبوا الرسل كما قال الله تعالى : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الله إلا قالوا ساحر أو مجنون }‏ ، وقال الله تعالى : { أتواصوا به بل هم قوم طاغون } " .


وقال شيخنا ربيع حفظه الله : " وأنا مرة قلتُ للشيخ ابن باز رحمه الله كان تصدر منه بعض الكلمات تشبه تزكية لجماعة التبليغ - وإن كان إلى جانبها شيء من لفتات الأذكياء إلى ما عندهم من ضلال وجهل - فيستغل هؤلاء الكلمات التي فيها شيء من الثناء عليهم، ويخفي أو يخفون ما فيها من طعن خفي في عقيدتهم ومنهجهم، فيبرزون الثناء ويخفون الجرح، فجلستُ مع الشيخ رحمه الله جلسة فقلتُ له: يا شيخنا أنت الآن يمنزلة أحمد بن حنبل وابن تيمية رحم الله الجميع، لك منزلة عند الناس، إذا قلتَ كلمة تلقـفـوها على أنها حق، والآن أنت يصدر منك كلمات يعتبروها تزكيات لجماعة التبليغ، وإنْ كنت تتحفظ خلال كلامك، ولكنهم عندهم دهاء ومكر يستغلون التزكية والثناء ويدفنون ما تشير إليه وتلمح إليه من جهل وضلال، ودار الكلام بيني وبينه، إلى أن قلتُ له: يا شيخ، قال: نعم، قلتُ له: هل جاءك أحد من أهل الحديث من الهند وباكستان أو من أنصار السنة في مصر والسودان - ذاك الوقت كانوا على غاية الثبات على المنهج السلفي، ثم هبت أعاصير الفتن والسياسة دبت في الصفوف ووقعت شيء من الخللة - يطلب منك تزكية على أنهم على حق وعلى سنة، قال: لا، قلتُ: لماذا؟ قال: لماذا أنت؟ قلتُ: لأنَّ هؤلاء تشهد لهم أعمالهم وتزكيهم بأنهم على الحق، وأما جماعة التبليغ وأمثالهم فإنَّ أعمالهم لا تزكيهم؛ بل تدينهم بأنهم على ضلال وبدع، فضحك الشيخ رحمه الله.

فبعض الناس لا تزكيه أعماله ولا مواقفه، ولا تشهد له بأنه سلفي، فيلجأ إلى هذه الوسائل الدنيئة من الاحتيال على بعض الناس والتملق لهم حتى يحصلوا على التزكية، ويكتفون بهذا، ويذهبون، ليتهم يكفون بأسهم وشرهم عن أهل الحق والسنة، فيذهبون ويتصيدون أهل السنة بهذه التزكيات، فتكون مصيدة يضيعون بها شباباً كثيراً، ويحرفونهم عن المنهج السلفي، وأنا أعرف من هذا النوع كثير، وكثير الذي يسلك هذا المسلك السيء، نسأل الله العافية، وأن يوفِّقهم لأن يزكوا أنفسهم بأعمالهم، وأن يجعل من أع مالهم شاهداً لهم بالخير والصلاح وبالمنهج السلفي " .


ولعلي أختم بكلام لطيف قوي في الرد على فالح الحربي في جرحه للدعاة وطلاب العلم بلا دليل للعلامة إمام الجرح والتعديل بلا منازع في هذا العصر شيخنا ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله وإن رغمت أنوف المغرضين : "  إنكم سئلتم عن أشخاص معينين مشهورين عند الناس بالسلفية والدعوة إليها وفيهم علماء في نظر الناس فأخرجتهم من السلفية وهذا الإخراج جرح شديد فيهم يحتاج إلى أدلة، فإذا لم تأت بالأدلة وأسباب هذا الجرح رأى الناس أنك قد ظلمتهم وتعديت عليهم وطعنت في دينهم بغير وجه حق، فصرت متهماً عند الناس فتحتاج إلى استبراء دينك وعرضك.

فإن لم تفعل طعن فيك الناس ولن ترضى أنت ولا غيرك بهذا الطعن، فتقوم الفتنة ويحصل الاختلاف بين السلفيين وتكثر الطعون المتبادلة ولا يحسم ذلك إلا بذكر الأسباب المقنعة بهذا الإخراج وقد تطالب أنت نفسك بذكر الأسباب إن جرحك أحد أو أخرجك من السلفية.2- إنه إذا تعارض جرح مبهم وتعديل فالراجح أنه لا بد من تفسير هذا الجرح المبهم، والاشتهار بالدين والسنة والسلفية والدعوة لها أقوى من التعديل الصادر من عالم أو عالمين.والكلام في المخالفين وفي مناهجهم وسلوكياتهم من أهم ما يدخل في باب الجرح، لأن هناك تلازماً بين الأشخاص ومناهجهم فالذي يطعن في منهج الشخص يطعن فيه.ولذا ترى السلف يبينون بالأدلة ضلال أهل البدع وفساد مناهجهم ولهم في ذلك المؤلفات التي لا تحصى وسيأتي ذكر بعضها وأرى أنه لا مناص من ذكر كلمات لأهل العلم في اشتراط تفسير الجرح المبهم ورد بعض أنواع الجرح فأقول : رجح ابن الصلاح أن التعديل مقبول من غير ذكر سببه .وأن الجرح لا يقبل إلا مفسراً مبين السبب ، لأن الناس يختلفون فيما يجرح ومالا يجرح ونقل عن الخطيب أن هذا مذهب أئمة الحديث ونقاده مثل البخاري ومسلم وغيرهما ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- وذكر آخرين ثم قال واحتج مسلم بسويد ابن سعيد وجماعة أشتهر الطعن فيهم وهكذا فعل أبو داود السجستاني وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه ومذاهب النقاد للرجال غامضة ومختلفة .وذكر عن شعبة -رحمه الله- أنه قيل له لم تركت حديث فلان فقال رأيته يركض على برذون فتركت حديثه ".مع أن شعبة إمام في الحديث ونقد الرجال لكن نقده هنا ليس بصواب لأن مثل هذا لا يعد من أسباب الجرح المسقطة للعدالة .وذكر قصة عن مسلم بن إبراهيم وأنه جرح صالحاً المري بما لا يعد من أسباب الجرح وإن كان المري قد ضعف بغير هذا السبب ومما جرح به عكرمة أنه على مذهب الصفرية الخوارج وقد جرحه بذلك بعض الأئمة ولم يقبل البخاري جرحهم لضعف حجتهم " .


ولعل فيما نثرته هنا كفاية وري لذي عطش ونسف لشبهات ذوي التشغيب والفتن .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


وهنا بعض التزكيات والإجازات تلبية لطلب من لا يرد طلبهم عملها بعض الأحبة ونسقها فجزاه الله خيرا وجعلني عند حسن الظن وستر علي وعلى إخواني وغفر لي ما لا يعلمون ، أنشرها هنا تأثما مع ما يمليه واجب إظهارها لمصلحة شرعية :


https://mega.nz/#F!cj4EkYrI!vO55dyPTiuPHdV_RtJjPJw


وكتب :

أبو عائشة بلال يونسي السلفي

السكيدي ثم العاصمي

صبيحة الأربعاء 7 شعبان 1441 هجري

الموافق : غرة (01) أفريل 2020 نصراني

رابط المقال



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق