ما اعتقده في خلاف أهل العلم في القنوت لرفع الوباء وتفريق بعضهم بين الوباء والطاعون :
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
لا اعلم أن الوباء سبب القنوت ولا أعلمه من فعل السلف الصالح وأما من قاس من الفقهاء قنوت الوباء على عموم قنوت النازلة ومن فرق بين الوباء والطاعون في جواز القنوت في الوباء دون الطاعون فلا اعلم له وجها صحيحا خاصة وأن الوباء أو الطاعون لا يختلفان إلا من حيث الاسم ومعناهما واحد في استعمالات السلف وقدامى الفقهاء والطاعون يعتبر شهادة يفرح بها الصالحون فلا يقنت لرفعها وكذلك لم يثبت أن الصحابة قنتوا في طاعون عمواس وهو وباء عند التفريق وليس طاعونا على الصحيح كما نص على ذلك بعض أهل العلم ؛ وذلك أن له أعراضا غير اعراض الطاعون ؛ وكذلك الطاعون لا يدخل مكة والمدينة ومن أعراضه التقيح وتخثر الدماء وهو من وخز أعدائنا من الجن ؛ وأما الوباء فقد ثبت دخوله إلى المدينة كما في الحديث من صحيح البخاري عن أبي الأسود الذؤلي قال : (أَتَيْتُ المَدِينَةَ وقدْ وقَعَ بهَا مَرَضٌ وهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إلى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَمَرَّتْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقالَ عُمَرُ: وجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بأُخْرَى، فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقالَ: وجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ شَرًّا، فَقالَ: وجَبَتْ، فَقُلتُ: وما وجَبَتْ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قالَ: قُلتُ كما قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّما مُسْلِمٍ شَهِدَ له أرْبَعَةٌ بخَيْرٍ أدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ، قُلْنَا: وثَلَاثَةٌ، قالَ: وثَلَاثَةٌ، قُلتُ: واثْنَانِ، قالَ: واثْنَانِ، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الوَاحِدِ) ؛ ومع هذا فلم يثبت أن عمر رضي الله قنت أو أمر بالقنوات عند حصول وباء المدينة .
وأما من قال أنه نازلة كذلك فيقنت له فجوابه : هو نازلة ولكن نازلة غير النازلة التي ثبت فيها القنوت فتستثنى لأن الأصل في العبادات التوقيف وهذه نازلة ولم يثبت قنوت في مثلها _ يعني القنوت في الصلاة وأما القنوت بالدعاء من غير صلاة فهو جائز_ .
وأما القنوت لرفع الحجر فهو جائز لأنه من عموم النوازل ولم يدل دليل على استثنائه .
وقد وقع الخلاف بين المذاهب في قنوت النوازل هل هو منوط بالسلطان خاصة أو لمن ينيبه أيضًا من الولاة أو لأئمة المساجدأو هو مشروع لكل مصلٍّ ؛ وقد اختار شيخ الإسلام القول الأخير وأنه مشروع لكل مصل في صلاته الفردية كذلك وليس قاصرا على صلاة الجماعة ، قال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله : ( لا يقنت في غير الوتر، إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة، فيقنت كل مصل في جميع الصلوات، لكنه في الفجر والمغرب، آكد، بما يناسب تلك النازلة) [الفتاوى الكبرى . باب صلاة التطوع«الاختيارات العلمية»] .
وأما في صلوات الجماعة فلابد من أمر السلطان بذلك وإذنه .
والله أعلى واعلم .
اخوك أبو عائشة بلال يونسي السكيكدي
![]() |
ذكر مقال الشيخ اسامة من قبل الشيخ بلال في التعليقات |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق