السبت، 14 أغسطس 2021

نصيحة لنفسي ولغيري وخلاصة ماعليه علماء السنة في موقفهم من الأحداث التي وقعت في مدينة الأربعاء نايث إيراثن وفي غيرها

{المقال فيه إضافات وتعديلات هامة ، فيرجى إعادة القراءة من جديد}

((نصيحة لنفسي ولغيري وخلاصة ماعليه علماء السنة في موقفهم من الأحداث التي وقعت في مدينة الأربعاء نايث إيراثن وفي غيرها)):

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نود منكم نصيحة لإخوانك السلفيين عن الأحداث التي وقعت ومن الذين ينشرون صور الذين شاركوا في القتل والذين يتهمون حركة الماك وراشاد الارهابيتين بدون تحري ولا بيان رسمي من الجهات الخاصة وجزاك الله خيرا

الجواب:

وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

انصح نفسي واياهم واياك وكل مسلم يصله قولي بأن نلزم جميعا غرز العلماء الكبار وولاة الأمور ولا نتقدم بين أيديهم ، وإن هذا الخوض في هذه النعرات وفي أمور السياسة ليس من منهج السلف الصالح ، فللسياسة أهلها ومن السياسة ترك السياسة كما قال محدث الشام الإمام الألباني رحمه الله ، وهو يقصد السياسة المعاصرة.

وأن ما حدث في تيزي وزو أو حدث في غيرها أو سيحدث مستقبلا من نزاعات أو جرائم أو انتهاكات فكلها منوطة بولاة الأمور وهم فقط المخولون بالتحقيق في ملابساتها والبحث والتحري ، ولولاة الأمور أجهزة أمنية مختصة تقوم على ذلك وليس للعامة حق التدخل والتحليل بلا علم ، وحتى من يعلم شيئا _فرضا_ فعليه بتبليغه لولاة الأمور وهم يتصرفون ، ولا يجوز له أن يشوش على الناس ويحدث الفتنة والتهويل بين أهل الدين الواحد والبلد الواحد .

وحتى لو فرضنا صحة الادعاءات والتشكيكات والدعوات والنعرات التي تصدر من هنا وهناك فلا فائدة في متابعتها والاستماع إليها لأننا مأمورون بلزوم طاعة ولاة الأمور والمطالبة بالحقوق بالطرق المشروعة والنصيحة لولاة الأمور بغير تشنيع وتشويش فإن أحسنوا فَلَهُم ولَنَا وإن أساءوا أو قصروا فعليهم ولنا ولا يضرنا تقصيرهم ولهم علينا نصحهم سرا وبيان وجه الحق إذا دعت الحاجة إلى البيان من أهل البيان .

فكيف والأمر خلاف ما يثار لعدم وضوح الصورة ، وعدم معرفة ملابسات الواقعة وهي قيد التحقيق ولم تفصل فيها الجهات المعنية بعد .

فنصيحتي هي أن نتقي الله في وطننا وفي ولاة أمورنا وأن نجتنب الفتنة ولا نخوض في عرض أحد بلا علم وأن نصمت ونشتغل بما ينفعنا ونترك ما ليس من مهامنا لأهلها .

ولا يجوز سب أهل تيزي وزو ولا غيرهم من أهل الإسلام ولا يجوز الدعاء بعد انطفاء النيران في مدينة تيزي وزو ولا يجوز الدعاء عليهم بازدياد النيران فهذا من الاعتداء في الدعاء وهو حرام بالإجماع والعياذ بالله ، ولا يجوز تعميم منطقة القبائل بهذه الأحكام الفظيعة ولا يجوز الخوض مع الخائضين في فتنة الأربعاء إيراثن ولا يجوز التسرع قبل اتضاح الرؤية وقبل حكم ولاة الأمور في القضية ، ولا يصح مايدعو إليه البعض من التوقف عن مساعدة المتضررين في تيزي وزو ، ولا في غيرها من المدن الجزائرية وفي مقدمتها مدينة الطارف والتي أيضا تضررت كثيرا بهذه الحرائق ، ولكن من أراد المساعدة فعليه قبل كل شيء أن يقوم بالتنسيق مع الجهات الوصية حتى لا تكون فوضى ولا تقع المشاكل والتجاوزات . 

وهذا المنشور ليس فيه تبرئة للقتلة الجناة البغاة ولذلك فأقول لمن يسأل عن حكم الإسلام وخلاصة كلام علمائنا عن صنيع هؤلاء الأوباش الذين تواطأوا على قتل وإحراق الأخ جمال رحمه الله ، فهؤلاء جرمهم زاد على دائرة القتل العمد والذي حكمه القصاص وهو حق من حقوق العباد ويسقط بقبول الدية من أولياء القتيل مقابل العفو أو العفو عن القصاص وعن الدية معا ، وسبب خروجه عن دائرة القصاص إلى دائرة الحدود هو بسبب افتئاتهم على ولي الأمر ومجاهرتهم بصنيعهم وتحديهم لجميع المسلمين في هذه البلاد الطيبة ولولاة أمورهم بلا حسيب ولا رقيب ولا خوف من عقوبة ولا من مغبة جرمهم الفظيع .

 ولذلك فإن هذه الجريمة تندرج كذلك وتدخل في حد الحرابة وهو حد من الحدود وهو حق من حقوق الله تعالى يدخل تحت دائرة الحق العام ولا تدخل فيه الشفاعة ولا يؤثر فيها عفو أولياء المقتول .

وحد الحرابة هو حق لله يطبقه ولي الأمر المسلم ولا يجوز التنازل ولا الشفاعة ولا الوساطة ولا التخفيف فيه بالنص والإجماع .

وحد الحرابة مذكور في قوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) ، وهؤلاء الذين ظهروا في الفيديوهات وجاهروا بمعصيتهم بقتله طعنا وذبحا وضربا وسحلا وحرقا ثم عملوا الصور (السيلفي) مع الضحية جمال رحمه الله وهو جثة مفحمة ، فصنيعهم هذا يسمى حرابة وبغيا وافتئاتا على السلطان وعلى الأمة وذلك لأنهم قاموا بمخالفات كثيرة توجب حد الحرابة نوجز بعضها فيما يلي:

_ الافتئات على ولي الأمر لإنزال عقوبة لم يأذن لهم ولي الأمر بإنزالها ، وهذا على فرض أن الأخ المغدور رحمه الله مجرم حقا .

_ الافتئات على ولي الأمر بإنزال عقوبة غير متحققة على ضحية لم تثبت إدانته ولم تسمع حجته .

_ الاعتداء على ممثلي الأمن واقتحام مركبة الشرطة والاعتداء على الضحية داخل سيارة الشرطة ثم سحبه إلى خارجها وإكمال عملية القتل المتعمد مع سبق الإصرار والترصد .

_ تحدي السلطات والأمة جمعاء وعدم اكتراثهم بمغبة صنيعهم ولا مبالاتهم بما ينجر عن فعلهم الإجرامي من انعكاسات خطيرة على أمن الفرد والمجتمع .

_ فتح باب للفوضى والعشوائية في معاقبة الجناة والتعدي على صلاحيات ولاة الأمور مما ينجر عنه فساد عريض وظلم للناس وتخريب للمتلكات وانتهاك للاعراض وإزهاق للأنفس البريئة دون وجه حق وبلا طرق مشروعة .

_ الافتئات على دين الله وعلى رب العباد سبحانه بقتل المغدور رحمه الله حرقا وهذا لا يجوز لا شرعا ولا وضعا ولا فطرة .

وغيرها من المخالفات العظيمة التي واقعها هؤلاء القتلة ومن فرح بصنيعهم أو أعان على فسادهم وضيمهم .

وهذه المخالفات مجتمعة أو متفرقة تقضي بأنهم محاربون لله ولرسوله وأن صنيعهم يخرج بهم من دائرة القصاص والذي يدخله العفو إلى دائرة الحرابة وهو حد من الحدود لا يدخله العفو نهائيا بإجماع علماء الإسلام ، وبهذا فعلى ولي الأمر أن يطبق عليهم حد الله تعالى كل على حسب ما شارك به في هذه الجريمة الشنعاء ، وتطبيق الحد لا علاقة له بكون الأخ جمال أضرم النار حقا أو لم يضرم ، لأنه حتى ولو أضرم فإن إنزال العقوبات وطريقتها من صلاحيات ولاة الأمور تبعا لحكم الله تعالى ، والتقدم بين أيديهم بهذه الطريقة الشنيعة المريعة هو افتئات ويدخل في حد الحرابة .

ووالله مازادت الجرائم والظلم بين الناس إلا حين عطلت الحدود والأحكام الشرعية واستبدلت بالأحكام الوضعية الأرضية .

ومن هذا المنبر وبهذه الفرصة وعلى منهج سلفنا الصالح وليس على منهج الخوارج والتكفيريين فإننا ندعو ولاة أمور المسلمين أن يغتنموا الفرصة ليراجعوا أنفسهم ويُحكِّموا الشريعة الإسلامية لعل الله يصلح من أحوالنا ويعيد لنا مجد أسلافنا العظام الذين دانت لهم العرب والعجم ورضي الله عنهم وأرضاهم ، وكذلك ندعو المسلمين بأن يرجعوا إلى دينهم ويشتغلوا بتعلمه وتعليمه وعبادة ربهم وترك معاصيه والبعد عن المجاهرة بأنواع الفجور وتعلم التوحيد والبعد عن الشرك بالله وأسبابه وعن البدع بأنواعها ، وأن يشغلوا أوقاتهم بما يرجع على أمة الإسلام بالنفع والتطور ولا يشتغلوا بسفسافها ، فكم نرى من عالم يُدرس ويصيح صباح مساء بملء فيه منذرا وناصحا للأمة ، ومع ذلك لا نرى أي إقبال عليه من غالبية المسلمين ، وفي نفس الوقت تجد جماهير المسلمين كبارا وصغارا ورجالا ونساء مقبلين على لاعبي كرة القدم وعلى المطربين والمخنثين وعلى الأفلام والمسلسلات وعلى مقاطع الفيديوهات الساخرة وعلى مقاطع السحر واللهو وعلى فيديوهات دعاة المظاهرات والخروج وعلى خطباء السوء ودعاة الفتنة والبدع وعلى مجيزي العهر والمحرمات من دعاة التحرر والليبرالية والإمبريالية ، مع الإعراض عن الأتقياء العاملين من علماء السنة ودعاة الحق والوضوح الراسخين في العلم والعارفين لأصول وكليات الإسلام وهم الربانيون الذين يربون الناس على الأهم فالمهم والأولى فالأولى .

وكذلك نقول لمن يقول هذا عربي وهذا قبائلي كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصف العصبية والجهوية المقيتة: (دعوها فإنها منتنة) ، وكما قال أحد علمائنا: (نحن أعاجم عربنا الإسلام) ، وبقول كثير من المؤرخين المحققين ألخصه بقولي: (أمة الجزائر أمة شعوبية مولدة لم تحفظ أصولها بل انصهرت أعراقها المختلفة في بوتقة الإسلام ، فقد تجد فيهم من لكنته أمازيغية ومولده بين الأمازيغ وغالبية جيناته تنزع إلى العروبة وكما تجد العكس من ذلك ، ولولا حرمة الطعن في الأنساب وتحريم تتبع الصبغيات الوراثية عند علماء الإسلام لغير الضرورة لأنها ظنية وليست يقينية_ لوجدنا عجبا في تقاطع الأحماض النووية للجينات الوراثية لسكان الجزائر ، فلا حاجة للمزايدة ، ولنرضى بالإسلام وبلغة كتابه ولا ننسلخ من عاداتنا ومن لهجاتنا كذلك لأن الله قال: (وامر بالعرف) ، فلا انفكاك ولا اصطدام).

وأختم بدعاء الله بجمع شمل المسلمين في بلدنا هذا وفي عامة بلاد المسلمين وأن يكفينا شر المنظمات الإرهابية ومن يدعمونها وأن يجعل بلدنا آمنا مستقرا رخاء سخاء وسائر بلاد الإسلام وأن يكفي أهل السنة شر كل ذي شر بحوله وقدرته ومنته سبحانه .

والله أعلى وأعلم.

أبو عبد الله بلال يونسي

مجموعة المدارسات العلمية


https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=854811778753649&id=100026745030855









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق