الأربعاء، 27 مايو 2020

وقت إخراج زكاة الفطر

وقت إخراج زكاة الفطر :

فيه ثلاثة أقوال وأقواها قولان ، وأنا أعتقد الأول منهما لانه أحوط , وهو أنه :
لا يجوز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بأكثر من يومين أي الجائز والمجزيء هو إخراجها صبيحة يوم العيد وأنت ذاهب إلى صلاة العيد أو اليوم التاسع والعشرين أو الثامن والعشرين .
ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( وَكَانُوا يُعطُونَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أَو يَومَينِ ) [رواه البخاري] .
وقوله ( أو ) إما بمعنى التنويع أو بمعنى التخيير ، فعلى القول بأنها التنويع فيكون قوله بيوم باعتبار الشهر ناقصا ، وقوله بيومين باعتبار الشهر كاملا ، أي إذا كان الشهر تسعة وعشرين كان قبله بيوم واحد أي يوم ثمانية وعشرين ، وإذا كان الشهر ثلاثين كان قبله بيومين أي يوم ثمانية وعشرين كذلك .
وأما على القول بالتخيير فيكون قبل نهاية الشهر بيوم او يومين والشهر عدته ثلاثين يوما عادة فيكون الحساب يوم التاسع والعشرين أو يوم الثامن والعشرين .
ويجوز تسليمها في اليوم السابع والعشرين أو قبله اي قبل الفطر بثلاثة أيام أو أكثر في حالة واحدة فقط وهي أن تدفعها إلى من يوزعها كالجمعيات وغيره في وقت إخراجها المشروع ، وأما إذا عرفت أن هؤلاء الموزعين يخرجونها قبل الثامن والعشرين فلا تسلمها لهم وأخرجها بنفسك في وقتها المحدد .
فقد روي عن الإمام مالك رحمه الله قوله : (أخبرني نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة) .
فقوله (أو ثلاثة) معناه يوم السابع والعشرين بشرط أن لا يسلمها من تجمع عنده قبل اليوم الثامن والعشرين وإلا فإنها لا تجزيء .
هذا هو القول الذي أعتقده ، وأما القول الثاني والذي لا يقل قوة أيضا فهو الذي يجيز إخراجها في اليوم السابع والعشرين على أساس أن الشهر تسعة وعشرين كما جاء في حديث الإيلاء وحديث رؤية هلال الشهر أن الشهر تسعة وعشرين ، ولكن في كلا الحديثين زيادة صحيحة تدل على أن الشهر ليس مطلقا تسعة وعشرين بل قد جاء كذلك في شهر بعينه كما في حديث الإيلاء بعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (الشهر ثلاثين) ثم قول الراوي بعدها مباشرة في نفس الحديث : ( وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين) ، وأما حديث هلال الشهر فقال في آخره : (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ولو كان الشهر تسعة وعشرين لأمرهم بالفطر بعد التاسع والعشرين بدل الثلاثين .
وبهذا يتبين أن القول الأول هو الراجح الصحيح والأحوط وأما القول الثاني فلا يجزم بمثله على أن الشهر لزاما لابد أن يكون تسعة وعشرين بل قد يكون كذلك ولا يلزم ذلك وهو ما رجحه شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى : ( فرواية أحمد أكمل وأحسن سياقا تقدم فإن الرواية المفسرة تبين أن سائر روايات ابن عمر التي فيها الشهر تسع وعشرون عني بها أحد شيئين : إما أن الشهر  قد يكون تسعة وعشرين ردا على من يتهم أن الشهر المطلق هو ثلاثون كما توهم من توهم من المتقدمين وتبعهم على ذلك بعض الفقهاء في الشهر العددي فيجعلونه ثلاثين يوما بكل حال وعارضهم قوم فقالوا : الشهر تسعة وعشرون واليوم الآخر زيادة . وهذا المعنى هو الذي صرح به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { الشهر هكذا وهكذا وهكذا والشهر هكذا وهكذا } يعني : مرة ثلاثين ومرة تسعة وعشرين فمن جزم بكونه ثلاثين أو تسعة وعشرين فقد أخطأ .
.........
وبما ذكرناه يتبين الجواب عما روي عن عائشة في هذا قالت . يرحم الله أبا عبد الرحمن { وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا فنزل لتسع وعشرين . فقيل له فقال : إن الشهر قد يكون تسعا وعشرين } فعائشة رضي الله عنها ردت ما أفهموها عن ابن عمر أو ما فهمته هي من أن الشهر لا يكون إلا تسعا وعشرين . وابن عمر لم يرد هذا بل قد ذكرنا عنه الروايات الصحيحة . بأن الشهر يكون مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين . فثبت بذلك أن ابن عمر روى أن الشهر يكون تارة كذلك وتارة كذلك ) . انتهى مختصرا من مجموع الفتاوى .
وقال العلامة العثيمين رحمه الله : ( وقوله: "بيوم أو يومين" أو للتخيير فيجوز أن تخرج قبل العيد بيوم أو يومين، وإن قلنا: للتنويع فالمعنى قبل العيد بيوم إن كان الشهر ناقصاً، وقبله بيومين إن كان تاماً، وعلى هذا تخرج في الثامن والعشرين، لا في السابع والعشرين، وهذا فيه احتمال.
وقال بعض العلماء: يجوز إخراجها من أول الشهر، وهذا ضعيف؛ لأنها لا تسمى صدقة رمضان، وإنما تسمى صدقة الفطر من رمضان) انتهى من الشرح الممتع .
وقد أجاب رحمه الله على سؤال : ( أديت زكاة الفطر في أول رمضان في مصر قبل قدومي إلى مكة ، وأنا الآن مقيم في مكة المكرمة ، فهل علي زكاة فطر ؟ 
فقال :
نعم ، عليك زكاة الفطر ؛ لأنك أديتها قبل وقتها ، فزكاة الفطر من باب إضافة الشيء إلى سببه ، وإن شئت فقل : من باب إضافة الشيء إلى وقته ، وكلاهما له وجه في اللغة العربية ، قال الله تعالى : ( بَلْ مَكْرُ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) هنا من باب إضافة الشيء إلى وقته ، وقال أهل العلم : باب سجود السهو ، من باب إضافة الشيء إلى سببه .
فهنا زكاة الفطر أضيفت إلى الفطر لأن الفطر سببها ؛ ولأن الفطر وقتها ، ومن المعلوم أن الفطر من رمضان لا يكون إلا في آخر يوم من رمضان ، فلا يجوز دفع زكاة الفطر إلا إذا غابت الشمس من آخر يوم من رمضان ، إلا أنه رُخص أن تُدفع قبل الفطر بيوم أو يومين رخصة فقط ، وإلا فالوقت حقيقة إنما يكون بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان ؛ لأنه الوقت الذي يتحقق به الفطر من رمضان ، ولهذا نقول : الأفضل أن تؤدى صباح العيد إذا أمكن ) . انتهى من مجموع فتاوى الشيخ العثيمين .
تذكير وتوجيه : زكاة الفطر أفضل أوقاتها ووقتها الأصلي والمشروع لأوانه زكاة الفطر ابتداء هو صبيحة العيد قبل الصلاة والتطهير الوارد في الحديث (طهرة للطائم) بطبيعة الحال سيكون أعظم أجرا وأوعب لكامل الشهر وما كان فيه من هفوات الصائم وأبلغ في المتابعة ممن أخرجها قبل ذلك .
والله اعلى واعلم .

أبو عبد الله بلال يونسي السكيكدي
مجموعة المدارسات العلمية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق