[١] سلسلة صلاة التراويح
(يؤذن بالنشر ليعم النفع والأجر بحول الله):
١_ متى وقت صلاة التراويح هل هو آخر الليل أو أوله ملاصقة للعشاء :
الصحيح أنها ملاصقة للعشاء ولا تؤخر عنها بل تصلى معها في الوقت الذي صليت فيه العشاء ؛ إذا صليتها في جماعة المسجد ، فقد سئل الإمام أﺣﻤﺪ رحمه الله : ﻳﺆﺧﺮ اﻟﻘﻴﺎﻡ ﺃﻱ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﻭﻳﺢ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ اﻟﻠﻴﻞ ؟ فأجاب : ( ﺳﻨﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ) ، أي صلاتها في أول الليل مع جماعة المسجد .
٢_ متى أفضل اوقات صلاة التراويح هل هو اول الليل أو تؤخر :
الظاهر أن وقتها لمن أراد أن يصليها في بيته تأخيرها إن تيسرت له جماعة لأنها من جنس قيام الليل وافضل القيام جوف الليل وآخره فعن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: ( أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ) .
وأما قوله هنا (خرج) وفي غيره (لم يقم بنا) فلا تنافي أنها كانت أيام اعتكاف لأن في حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ، ثم دخل معتكفه ) دلالة على أنه كان يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر ومعناه أنه إما يمضي الليل في بيته أو في الخباء الذي يضرب له في المسجد على خلاف بين أهل العلم في وقت بداية اعتكافه صلى الله عليه وآله وسلم اهو من الليل أم من الفجر ام هو اليوم بأكمله وان خروجه ودخوله ليس إلى بيته بل من المسجد إلى خلوته بنفسه في الخباء وأنه يمضي الليل كله في الخباء حتى الفجر ولم يثبت خروجه الا لما صلى بهم التراويح .
٣_ ما الأفضل أن تصليها في بيتك في آخر الليل أو تصليها جماعة في اول الليل :
اختلف أهل العلم في ذلك والأظهر أن من قدر على صلاتها في آخر الليل في بيته في جماعة فذلك افضل _واشترط بعضهم أن لا تترك بالكلية في المسجد_ لأثر عمر رضي الله عنه : (والتي تنامون عنها خير من التي تقومون لها) ، ففي صحيح البخاري عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال " خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر ( إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ) ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر ( نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون ) يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله " .
قال الامام الشافعي في كتابه الأم في قيام رمضان : ( وسألت مالكا عن قيام الرجل في رمضان أمع الناس أحب إليك أم في بيته ؟ فقال: إن كان يقوى في بيته فهو أحب إلي، وليس كل الناس يقوى على ذلك، وقد كان ابن هرمز ينصرف فيقوم بأهله، وكان ربيعة وعدد غير واحد من علمائهم ينصرف ولا يقوم مع الناس، قال مالك: وأنا أفعل مثل ذلك ) .
وأنقل هنا كلاما للحافظ ابن حجر من شرحه لأثر عمر رضي الله عنه. ( .. ولأن الاجتماع على واحد أنشط لكثير من المصلين، وإلى قول عمر جنح الجمهور، وعن مالك في إحدى الروايتين وأبي يوسف وبعض الشافعية الصلاة في البيوت أفضل عملا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " وهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة، وبالغ الطحاوي فقال: إن صلاة التراويح في الجماعة واجبة على الكفاية.
وقال ابن بطال: قيام رمضان سنة لأن عمر إنما أخذه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم خشية الافتراض، وعند الشافعية في أصل المسألة ثلاثة أوجه: ثالثها من كان يحفظ القرآن ولا يخاف من الكسل ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه فصلاته في الجماعة والبيت سواء، فمن فقد بعض ذلك فصلاته في الجماعة أفضل....
قوله: (فخرج ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم) أي إمامهم المذكور، وفيه إشعار بأن عمر كان لا يواظب على الصلاة معهم وكأنه كان يرى أن الصلاة في بيته ولا سيما في آخر الليل أفضل، وقد روى محمد بن نصر في " قيام الليل " من طريق طاوس عن ابن عباس قال " كنت عند عمر في المسجد، فسمع هيعة الناس فقال: ما هذا؟ قيل: خرجوا من المسجد، وذلك في رمضان، فقال: ما بقي من الليل أحب إلي مما مضى " ومن طريق عكرمة عن ابن عباس نحوه من قوله...
قوله: (والتي ينامون عنها أفضل) هذا تصريح منه بأن الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله، لكن ليس فيه أن الصلاة في قيام الليل فرادى أفضل من التجميع.) انتهى النقل عن فتح الباري ، وقد ساق ابن حجر الأثر الذي فيه أنه ثبت عنه رضي الله عنه عدم صلاته لها في المسجد مع جمعه الناس لها على إمام واحد .
وقد ذهب بعضهم إلى التفريق بين صلاتها جماعة وصلاتها منفردا ؛ فقالوا إن صلاتها في المسجد جماعة افضل وقته اول الليل مطلقا بعد العشاء الآخرة لما ثبت من فعل الصحابة واجتماعهم على أبي بن كعب رضي الله عنه بأمر من عمر رضي الله عنه ، وأما إن صلاها منفردا فالافضل تأخيرها لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين صلاها في ناحية من نواحي المسجد في رمضان فصلى بصلاته الصحابة ؛ وأجابوا أن صلاته قيام رمضان في المسجد كانت لها صفة مخالفة لعموم الصلوات اولها أنه لم يكن يصلي قيام الليل في سائر الأيام إلا في بيته ما عدا قيام رمضان فثبت صلاته في المسجد في العشر الأواخر والأمر الثاني أنه كان يصلي في مكان مخصص وفي شكل حجرة عملت بالحصير وكان في أيام اعتكاف كما هو في حديث أبي ذر آتي الذكر ، وأما حديث عائشة رضي الله عنها فقد روى البخاري عنها أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ له حَصِيرٌ، يَبْسُطُهُ بالنَّهَارِ، ويَحْتَجِرُهُ باللَّيْلِ، فَثَابَ إلَيْهِ نَاسٌ، فَصَلَّوْا ورَاءَهُ .
وروى أيضا عنها : كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ في حُجْرَتِهِ، وجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بصَلَاتِهِ، فأصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بذلكَ، فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ، فَقَامَ معهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بصَلَاتِهِ، صَنَعُوا ذلكَ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلَاثًا - حتَّى إذَا كانَ بَعْدَ ذلكَ، جَلَسَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذلكَ النَّاسُ فَقالَ: إنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ علَيْكُم صَلَاةُ اللَّيْلِ.
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح : ( وقوله : ( صلى ذات ليلة في المسجد ) تقدم قبيل صفة الصلاة من رواية عمرة ، عن عائشة : أنه صلى في حجرته . وليس المراد بها بيته ، وإنما المراد الحصير التي كان يحتجرها بالليل في المسجد ، فيجعلها على باب بيت عائشة ، فيصلي فيه ، ويجلس عليه بالنهار ، وقد ورد ذلك مبينا من طريق سعيد المقبري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، وهو عند المصنف في كتاب اللباس ، ولفظه : كان يحتجر حصيرا بالليل ، فيصلي عليه ، ويبسطه بالنهار ، فيجلس عليه . ولأحمد من طريق محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن عائشة : فأمرني أن أنصب له حصيرا على باب حجرتي ، ففعلت ، فخرج . فذكر الحديث . قال النووي : معنى يحتجر يحوط موضعا من المسجد بحصير يستره ، ليصلي فيه ، ولا يمر بين يديه مار ليتوفر خشوعه ويتفرغ قلبه . وتعقبه الكرماني بأن لفظ الحديث لا يدل على أن احتجاره كان في المسجد ، قال : ولو كان كذلك للزم منه أن يكون تاركا للأفضل الذي أمر الناس به ، حيث قال : فصلوا في بيوتكم ، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة . ثم أجاب بأنه إن صح أنه كان في المسجد ، فهو إذا احتجر صار كأنه بيت بخصوصيته ، أو أن السبب في كون صلاة التطوع في البيت أفضل لعدم شوبه بالرياء غالبا ، والنبي صلى الله عليه وسلم منزه عن الرياء في بيته ، وفي غير بيته . ) .
ولكن الظاهر هو كما سلف بيانه أن سبب صلاته في المسجد مع تخصيصه مكانا للصلاة وتحويطه بالحصير على شكل حجرة هو أنه كان في الاعتكاف لحديث أبي ذر رضي الله عنه عند أبي داود وغيره أنه قال: ( صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِىَ سَبْعٌ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ. قَالَ فَقَالَ « إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ». قَالَ فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاَحُ. قَالَ قُلْتُ مَا الْفَلاَحُ قَالَ السُّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ. أخرجه أبو داود وغيره.) .
وفي الحديث هدية عظيمة لمن يصلي التراويح (قيام ليالي رمضان) في جماعة ألا وهي أنه ولو صلى مع الإمام ساعة حتى ينصرف ثم ذهب إلى النوم حتى صلاة الفجر كتب له كأنه صلى جميع الليل فيكتب له قيام ليلة وليس فقط قيام ساعة ؛ ولذلك لما سأله ابو ذر رضي الله عنه هنا عن أن يزيدهم من نافلة قيام الليل بعد أن انصرف من نصف الليل وهو في قوله (شطر الليل) وشطر الشيء نصفه ؛ فأراد ابو ذر ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم أن يكمل بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قيام النصف الثاني من الليل ولم يكتفوا بالنصف الاول فقط بقولهم (لو نفلتنا) ؛ فكان جوابه صلى الله عليه وآله وسلم كما سبق بيانه .
فإذا تبين هذا عرفنا الفرق بين الأمرين جماعة ومنفردا فالجماعة بالاثر عن عمر رضي الله عنه والانفراد بحديث أبي ذر وعائشة ؛ وأما الجماعة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جوف الليل فلم تكن مقصودة ابتداء وانما جاءت عرضا وتبعا لصلاته في نفسه صلى الله عليه وآله وسلم فلا يستدل بها على أفضلية او على تخيير بين اول الليل وآخره في التراويح ، ولذلك يستحب صلاتها في أول الليل مع جماعة المسجد جمعا بين الآثار والاقوال ومن تيسر له جماعة في آخره فذلك افضل .
وفي تحفة الأحوذي : ( وقيل لأحمد بن حنبل يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده قال يصلي مع الناس، قال ويعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه، قال النبي إن الرجل إذا قام مع الامام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته. قال أحمد رحمه الله يقوم مع الناس حتى يوتر معهم ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام قال أبو داود: شهدته يعني أحمد رحمه الله شهر رمضان يوتر مع إمامه إلا ليلة لم أحضرها ) .
٤_ أيهما أفضل أن تصليها في جماعة المسجد في أول الليل أو تصليها منفردا في البيت في آخر الليل :
الأفضل صلاتها في جماعة ولو في أول الليل وهي خير من صلاتها منفردا في آخره ؛ وهذا لا يتأتى غالبا إلا بصلاتها بعد العشاء مع جماعة المسجد ، فعن ﺃﺑﻲ ﺫﺭ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ ﺟﻤﻊ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﻧﺴﺎءﻩ، ﻭﻗﺎﻝ: ( ﺇﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﺇﺫا ﺻﻠﻰ ﻣﻊ اﻹﻣﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﻛﺘﺐ ﻟﻪ ﻗﻴﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ)
ومن ﺗﻌﺬﺭﺕ له اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وصلاها وحده فهنا الأفضل له أن يؤخرها لأنها من جنس القيام وأفضل قيام الليل آخره كما جاءت به عموم الآثار ومنها ما سبق ذكره ؛ وكذلك كي لا يفوت فضلها _أي التراويح في رمضان_ لقول اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭآله وﺳﻠﻢ: ( ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭاﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ ) .
٥_ هل تقضى صلاة التراويح في النهار لو نام عنها أو نسيها أو عجز عن صلاتها لعذر :
الصحيح أن من كان محافظا عليها يجوز له قضاءها إن تركها لعذر أو حرج لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يعوض صلاة الليل في النهار ولما ثبت أنه قضى بعض الصلوات النافلة في خارج أوقاتها المعتادة ، ﻗﺎﻝ العلامة اﻟﻨﻮﻭﻱ رحمه الله : ( ﻟﻮ ﻓﺎﺕ اﻟﻨﻔﻞ اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻧﺪﺏ ﻗﻀﺎﺅﻩ ﻓﻲ اﻷﻇﻬﺮ ) .
٦_ هل صلاة التراويح سنة ثابتة كان يصليها الصحابة في المسجد في رمضان في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
نعم فقد كان الصحابة يقومون ليالي رمضان في المسجد ويصلون اوزاعا ومعنى الأوزاع في اللغة الجماعات المتفرقين وهو جمع لا مفرد له ثم اجتمعوا خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميعا ثم ترك ذلك خوف فرضية الجماعة عليهم ثم لما زالت علة الفرضية بموت النبي صلى الله عليه وآله وسلم واتسعت الرقعة الإسلامية واكثر الناس في عهده ليسوا كالناس في عهد النبوة وعهد أبي بكر من قوة الإيمان فيخشى على بعضهم التكاسل أوالتفريط في هذه السنة العظيمة ؛ وكما أن أبا بكر رضي الله عنه لم تدم خلافته طويلا ورغم ذلك شغل بالفتوحات وبحروب الردة وتأمين الثغور خاصة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطمع كثيرين في دولة الإسلام فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أن يحيي تلك السنة بزوال العلة وقيام الداعي إلى الفعل وكذلك الناس مازالوا يصلون قيام ليل رمضان اوزاعا في المسجد كما كانوا من قبل فما كان منه إلا أن جمعهم على إمام واحد كما حصل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان الناس يصلون في المسجد في رمضان أوزاعا فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت له حصيرا فصلى عليه بهذه القصة قالت فيه قال تعني النبي صلى الله عليه وسلم (أيها الناس أما والله ما بت ليلتي هذه بحمد الله غافلا ولا خفي علي مكانكم) .
قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم . ( يصلون في المسجد في رمضان أوزاعا ) : قال الخطابي : يريد متفرقين ، ومن هذا قولهم وزعت الشيء إذا فرقته ، ففي هذا إثبات الجماعة في قيام شهر رمضان وفيه إبطال قول من زعم أنها محدثة ( فضربت ) : أي بسطت ( بحمد الله ) : جملة معترضة بين الحال وذي الحال ( غافلا ) : حال من ضمير ما بت ( ولا خفي علي مكانكم ) : ومع ذلك لم أخرج إليكم خشية الافتراض عليكم .
وخلاصة الباب :
أن صلاة التراويح سنتها في جماعة بالمسجد وذلك يتيسر إذا أقيمت في أول الليل بعد العشاء الآخرة والأفضل أن تطول وتمتد الصلاة إلى آخره ، وأفضل منها أن تصلى جماعة في في آخر الليل ولو في البيت لمن لا يطيلها من أوله إلى آخره ، وأفضل منها أن تصلى جماعة في المسجد في آخر الليل لمن لا يطيلها ، وصلاتها منفردا في آخر الليل أفضل من صلاتها منفردا في أوله .
والله اعلى واعلم .
يتبع بحول الله ....
أبو عائشة بلال يونسي
ليلة الثاني من شهر رمضان ١٤٤١ هجرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق